اختتام البطولة التنشيطية لجائزة الملك عبدالله الثاني للياقة البدنية (الدورة الثامنة عشرة )..صور الدكتور جاسم الغصاونة،، مبارك الترقية رئيس مجلس النواب الصفدي يرعى حملة وطنية للتبرع بالدم لغزة علي مصطفى عبدالخالق في ذمة الله الميثاق الوطني يعقد إجتماعه ال 54 ويؤكد الفخر بالقوات المسلحة في التصدي لأية محاولات إيرانية أو إسرائيلية لتعريض أمن الوطن للخطر الصفدي وآل الشيخ: علاقات الأردن والسعودية قوية ومواقفنا راسخة في الدفاع عن فلسطين  رئيسا بلديتي الشوبك وعين الباشا يرفضان دعوة لزيارة ايران بجهود من رئيس بلدية الشوبك وأعضاء المجلس...الاعلان عن باقة من المشاريع في لواء الشوبك الرئيس العراقي يلتقي الرئيس أحمد الصفدي في مجلس النواب...صور الميثاق الوطني  يزور عددا من مؤسسات المجتمع المحلي في محافظة البلقاء  وزير الخارجية الصفدي: حذرنا من أن نتنياهو سيحاول أن يفتعل مواجهة مع إيران ليجر ‎الولايات المتحدة والغرب إلى حرب إقليمية الميثاق الوطني يؤكد دعمه للموقف الأردني تجاه ما تشهده المنطقة من تصعيد وتوتر البوتاس العربية" تهنىء جلالة الملك وولي العهد بمناسبة عيد الفطر السعيد  اعلام إسرائيلي: شعور بأن نتنياهو يخمد الحرب، ولا ينوي الوفاء بتعهداته في "القضاء على حماس"... الطويل يتفقد أيتام مخيم البقعة ويقدم كسوة العيد ومنحة الطالب المتميز

القسم : منوعات
أرشيف الملصق الفلسطيني
أرشيف الملصق الفلسطيني
نشر بتاريخ : Mon, 31 Jul 2017 13:59:10 GMT
هاني حوراني - ناطق نيوز 

متحف افتراضي يسجل مساهمة الفنون البصرية في دعم النضال الفلسطيني

يشكل الملصق الفلسطيني جزءاً حيوياً من رواية الكفاح الفلسطيني المعاصر، تحديداً منذ انطلاقة المقاومة الفلسطينية المسلحة وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في أواسط ستينيات القرن الماضي. وقد شغل هذا الملصق مكانة دائمة في المراكز الحضرية العربية التي عرفت تواجد فصائل المقاومة الفلسطينية في سنوات ما بعد حرب 1967، فعلى مدى سنين كان الملصق الفلسطيني يتناوب على جدران الشوارع، في عواصم ومدن عربية عدة، مثل عمان ودمشق وبيروت وبغداد، كأحد أهم الفنون البصرية التي ابتدعتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني المعاصر، لا سيما في نهاية عقد الستينيات وعقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الفائت.

وبخلاف الفنون البصرية الأخرى، مثل اللوحة أو المنحوتة، فإن الملصق هو نتاج فنان ومؤسسة، ومن دون الأخيرة لا يتحول العمل الفني أو التصميم إلى ملصق. وقد نجحت مؤسسات حركة المقاومة في تحقيق هذه التوليفة ما بين العمل الفني الفردي والعمل المؤسسي الذي يقوم على طباعة العمل وتوزيعه ولصقه في جدران الشوارع، إذ لا يتحقق الغرض من الملصق بدون عملية لصق المطبوعة على جدار عام، ومن هنا يتحقق الارتباط القوي ما بين الملصق كمنتج فني والحيز العام.

أظهرت فصائل المقاومة الفلسطينية، على اختلاف خلفياتها الأيديولوجية وهوياتها السياسية، وعياً مبكراً بوظيفة الملصق السياسي، من حيث أنه وسيلة جماهيرية فعالة وقليلة الكلفة نسبياً، تصلح لتوجيه رسالة ما، مثل تمجيد العمل المقاوم، تخليد الشهداء، إحياء ذكرى مناسبة تاريخية (مثل وعد بلفور، وإبقاء هذه الذكرى حية باعتبارها فاتحة النكبة)، أو لدعوة الجماهير للقيام بتحرك ما، وعليه فإن إحدى أهم صفات الملصق هي أنه يحمل رسالة سهلة الوصول، وقابل للنسخ والطباعة بأعداد كبيرة. ولذا فإن لمختلف فصائل المقاومة الفلسطينية مساهمتها الخاصة في إنتاج الملصق السياسي، وتبعتها في ما بعد العديد من المنظمات الجماهيرية، مثل اتحاد الطلبة واتحاد المرأة وغيرها من المنظمات.



ومع أن الملصق الثوري الفلسطيني حظي باهتمام العديد من المؤسسات والأفراد، حيث جمعت ونشرت مجموعات من هذه الملصقات في ألبومات، أو تم وضع دراسات أو كتب حولها، إلا أنه غاب عن المؤسسات الفلسطينية الرسمية أهمية المبادرة إلى تجميع وتصنيف وعرض هذه الملصقات في متحف دائم، ليكون أحد مصادر الذاكرة الوطنية وعنواناً لجهود أجيال من الفنانين الفلسطينيين والعرب والأجانب، ممن صاغوا بريشتهم سطوراً (أو صفحات) من المحايثة الفنية والسياسية للتطورات الهامة التي مرت بها القضية الفلسطينية خلال نصف قرن سابق.

ولحسن الحظ لم تفت هذه المهمة عن ذهن أحد أصدقاء الشعب الفلسطيني، هو دان ولش، وهو أميركي من أصل أيرلندي، تعرف بالصدفة، ولأول مرة، على ملصق فلسطيني أثناء وجوده في المغرب، منتصف السبعينيات، حين كان يخدم في صفوف فرق السلام. لم يكن دان ولش الشاب قد عرف شيئاً من قبل عن فلسطين. ومنذ ذلك الحين بدأ عملية قدر لها أن لا تتوقف، بدأت بجمع نحو 300 ملصق فلسطيني. أما حصيلة ما أصبح "أرشيف الملصق الفلسطيني"، وهو اسم المشروع الذي أنشأه وأداره دان ولش، فيصل اليوم الى نحو 5.000 ملصق ورقي.

برفقة بينلوب ميتشيل، رئيسة مركز الأبحاث الفلسطيني ومقره البيرة، زرت دان ولش في منزله في أحد ضواحي واشنطن العاصمة، لأطلع على مشروع أرشيف الملصق الفلسطيني، ولأتبادل الحديث معه حول بعض الملصقات التي ما زالت تفتقر إلى المعلومات عنها.

أخذني دان الذي يتحدث اللغة العربية المحكية بطلاقة، ممزوجة بحس الفكاهة، إلى الطابق الأسفل من منزله القديم الذي تحيطه الأشجار، وتسمع بوضوح أصوات نقار الخشب، وهو يعمل منقاره في جذوع الأشجار الحرجية. كان ثمة غرفة صغيرة، تقع إلى جانب الدرج المفضي إلى الطابق الأعلى، تحتوي على رفوف وأدراج عديدة مملوءة بالملفات الكبيرة، والتي يحتوي كل منها على ملصقات ومواد مطبوعة أخرى، مثل أغلفة المجلات والبطاقات البريدية وغيرها. "هنا مستودع الملصق الفلسطيني، هنا حصيلة عقود من الجمع والتصنيف لمئات وآلاف الملصقات والمواد الورقية"، يقول دان ولش.




تندهش عندما ترى "غرفة عمليات" دان، وتكاد لا تصدق أنها تحتوي على كل هذا الكم من الملصقات المحفوظة جيداً والمصنفة في فايلات بلاستيكية، موزعة في خزائن مبنية على جوانب الغرفة، حيث تتوسطها طاولة كبيرة تصلح لتصفح تلك الملفات. وفي زاوية الغرفة يجلس دان على مقعده ليعمل على كمبيوتره.

يقول دان إنه كان محظوظاً بالتعرف إلى ممثل منظمة التحرير الفلسطينية، عفيف صافية، في واشنطن، الذي ساعده في الحصول على المزيد من الملصقات حينها، والأهم من ذلك أنه دعاه لزيارة بيروت والالتقاء بقيادات المنظمة. كان ذلك في مطلع الثمانينيات، في وقت ما قبل اجتياح العاصمة اللبنانية وترحيل قوات المقاومة الفلسطينية منها. ومنذ ذلك الحين نمت مجموعة دان من الملصقات الفلسطينية باضطراد.

من مبادرة شخصية، حركها الفضول الشخصي للتعرف إلى الحركة الفلسطينية وهويتها النضالية، إلى مشروع دعم متكامل لأرشفة وعرض حصيلة الملصقات الفلسطينية في ما يشبه المتحف الافتراضي، حيث بات يضم نحو خمسة آلاف ملصق فلسطيني ورقي، ونحو عشرة آلاف مادة بصرية تتعلق بفلسطين، يعود بعضها إلى نهايات القرن التاسع عشر. ومع ذلك يصف دان هذا الإنجاز بأنه "ما زال عملاً قيد الاكتمال" "Work-in-progress".



بداية تحول مبادرة دان ولش الفردية إلى مؤسسة كانت إثر حصوله على منحة صغيرة، بدعم من المرحوم، الدكتور إدوارد سعيد، الأمر الذي مكنه من إعداد مجموعة الملصقات الفلسطينية على شكل شرائح ضوئية لغايات تعليمية. وكان الهدف هو تحقيق فهم أفضل لمعاناة الشعب الفلسطيني من قبل الأميركيين. في هذه الأثناء، كان دان قد أسس مكتبه الخاص الذي يحمل اسم "تصاميم التحرير" "Liberation Graphics"، وكانت مجموعته من الملصقات المجمعة من مختلف أرجاء العالم تنمو حثيثاً، إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم.

يقول دان ولش إن مشروعه يحتوي على مكونين رئيسيين، أولهما منهج تعليمي بالاعتماد على الملصق الفلسطيني كمصدر رئيسي للبحث وتدريس التاريخ الرسمي للصراع الفلسطيني-الصهيوني، لطلبة المدارس العليا في الولايات المتحدة. وثانيهما خلق أرشيف في الفضاء الإلكتروني، يمكن من خلاله عرض أكبر عدد ممكن من الملصقات الفلسطينية، في صيغة تسمح بالتعرف على المعلومات الخاصة بكل ملصق بجميع اللغات الحية. ويشرح دان أنه اختار أحدث التقنيات وأكثرها فعالية لتحقيق مشاهدة ومعرفة ميسرة وباللغة الأم للمشاهد.

ينظر دان ولش الى أرشيفه باعتباره مكتبة ووسيلة تعليمية، تمكّن المعلمين والطلبة الباحثين الأكاديميين وغيرهم، من استعمال هذه المنهجية الحديثة لإدماج الملصق الفلسطيني في الأنشطة المدرسية. ولهذا الغرض، لم يكتف بمجموعته من الملصقات الفلسطينية، وإنما استفاد من مصادر ومكتبات متعددة، أبرزها مكتبة الكونغرس الأميركي؛ الأرشيف الصهيوني المركزي في القدس؛ المعهد العالمي للتاريخ الاجتماعي في أمستردام؛ جامعة ييل؛ جامعة شيكاغو وغيرها، لتوسيع مادة أرشيف فلسطين.

اعتمد دان ولش تعريفاً فضفاضاً للملصق الفلسطيني سواء من حيث جذوره التاريخية أو مصادره. فهو يدرج في المشروع كل ملصق يتضمن كلمة فلسطين بأي لغة كانت، ومن أي مصدر أو مرحلة زمنية، وكذلك كل ملصق تم إنتاجه من قبل فنانين أو هيئات تنتسب إلى الوطنية الفلسطينية، أو تنطوي على مشاركة فلسطينية.



بل وذهب دان ولش ليضمّن مشروعه أي ملصق / صدر أو نشر/ ضمن حدود فلسطين التاريخية، في أي مرحلة تاريخية، بما فيها مرحلة ما بعد قيام إسرائيل الحالية. أكثر من ذلك استهدف مشروعه أي ملصق نشر من قبل أي مصدر يمت بصلة مباشرة أو غير مباشرة إلى تاريخ فلسطين الاجتماعي والثقافي والسياسي والعسكري والاقتصادي، وكذلك أرشفة وتوثيق أي ملصق يعود للحركة الصهيونية أو لمعاديها، بأي لغة كانت، ومن أي مصدر، على أن يكون قد نشر بعد 31 آب/ أغسطس 1897، أي بعد انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل، سويسرا.

والواقع أن المصدر الأخير من مصادر مشروع أرشيف الملصق الفلسطيني، أي المصادر الصهيونية والإسرائيلية، يعد مرجعاً مهماً للتعرف على الدور الذي لعبه الملصق الذي أنتجته الآلة الصهيونية مبكراً، في التبشير بالمشروع الاستعماري-الاستيطاني الصهيوني، وفي الترويج له وكسب الدعم له منذ مطلع القرن العشرين.

والواقع أن "أرشيف ملصق فلسطين" يتتبع مختلف ينابيع إنتاجه ونشره، بما في ذلك الملصق السياحي الدعائي الهادف للترويج لزيارة البلاد المقدسة في عهد الانتداب البريطاني (1920/1948) والحكم الأردني للضفة الغربية لنهر الأردن (1948/1967).

أما الملصق السياسي الفلسطيني الذي رافق نشوء وانطلاق حركة المقاومة الفلسطينية، فقد احتل مكانة مركزية في ذلك الأرشيف، حيث تم عرض وتصنيف تلك الملصقات، حسب مصادرها، أي حسب المنظمات التي أصدرتها، سواء كانت فصائل وحركات سياسية أو مسلحة أو منظمات جماهرية، كاتحادات المرأة والطلبة والشبيبة وسواها.

فإلى جانب صورة كل ملصق يورد المشروع ترجمة للنص (أو العبارة أو الشعار) الذي يحتويه للملصق؛ اسم الفنان أو المصمم أو المصور الفوتوغرافي الذي أنجز الملصق؛ سنة إنتاج الملصق؛ عدد النسخ المطبوعة، مصدر الملصق الرئيسي (هل هو فلسطيني، أم عربي، أم جهة دولية..إلخ)، وموضوعه. ومن المهم التذكير هنا أن محرك البحث يستجيب لمختلف اللغات، وفي مقدمتها اللغة العربية.

هذا، ويشير موقع "أرشيف ملصق فلسطين" أن عدد الفنانين المساهمين في إعداد الملصقات المحفوظة بالأرشيف يصل إلى 2214 فناناً، وهم مسؤولون عن إنجاز 11505 ملصقات يحتويها الموقع، منها 878 مصنفة ضمن مجموعات خاصة.

إن زيارة الموقع مفيدة وممتعة في آن واحد، فهي مفيدة للتعرف على تاريخ الملصق الفلسطيني نفسه، باعتباره جزءاً من الرواية التاريخية للنكبة من وجهة النظر الفلسطينية والعربية ومن منظار العدالة والحقوق الإنسانية. وهي زيارة مفيدة للتعرف أيضاً على رؤية الخصم: الحركة الصهيونية في ترويجها لمشروعها الاحتلالي الاستيطاني وفي تغييبها للأصل: الشعب الفلسطيني.

كما أنها زيارة ممتعة ثقافياً لرؤية مساهمات فنانين كبار في دعم النضال الفلسطيني من أمثال: إسماعيل شموط، كمال بلاطة، مصطفى الحلاج، شفيق رضوان، غسان كنفاني (له على الأقل ثلاثة ملصقات مطبوعة من تصميمه أو اعتمدت على رسومه الشخصية)، هاني جوهرية (السينمائي والمصور الفوتوغرافي، له ملصقان على الأقل)، سمير سلامة..إلخ، وجميعهم من فلسطين. ومن الفنانين العرب نذكر نذير نبعة وبرهان كركوتلي (سورية)، رفيق شرف (لبنان)، ضياء العزاوي وكاظم حيدر (العراق)، حلمي التوني ومحمد غني (مصر). ومن المساهمين الدوليين في الملصق الفلسطيني: فوستينو بيريز Faustino Perez، مارك رودن Marc Rudin، لزارو أبرو Lazaro Abra، كلاود لازار Cloude Lazar، أوليفيو مارتنيز Olivio Martinez، أندري هيرناديز Andres Hernandez وغيرهم.

ماذا بعد؟ تسأل دان ولش، ماذا بعد أن أنجز مشروعه، ماذا يمكن للزمن أن يضيف إلى ما حققه حتى الآن؟!. يعتقد دان أن مشروعه مستمر، وأن المستقبل يعمل لصالح الملصق الفلسطيني.. يقول: بعكس الملصق الكوبي أو السوفياتي أو الصيني الذي بات ينتمي إلى الماضي، أو التاريخ أو "عالم المتاحف"، فإن الملصق الفلسطيني ما زال يحتفظ بحيويته وقدرته على الاستمرار، حيث تعاد طباعة الملصقات القديمة من الأجيال الشابة من النشطاء. هذا إضافة إلى أن مشروع أرشيف ملصق فلسطيني "يتغذى بصورة مستمرة من الملصقات التي تنتج إلكترونياً، أي على الكمبيوتر، وتوزع عبر الإنترنت، ليصار إلى طباعتها ولصقها على الجدران". وهي عملية أقل تكلفة من الملصق التقليدي الذي يولد من خلال طباعته على الورق.

وبكلمات أخرى، فإن دان ولش يعتقد أن الملصق الفلسطيني سيبقى يتجدد طالما لم تحل المشكلة الفلسطينية، ولم تجد لها حلاً عادلاً ودائماً.

يذكر هنا أن مشروع أرشيف ملصق فلسطيني مرشح حالياً لاعتماده من قبل منظمة اليونسكو، برنامج الذاكرة العالمي لعامي 2016/2017. وحين التقينا دان ولش كان قد تلقى للتو رسالة رسمية من اليونسكو، تفيد بقبول مشروعه في المرحلة الأولى من مراحل الاعتماد.


*باحث ورسام ومصور فوتوغرافي

جميع الحقوق محفوظة لموقع ناطق نيوز 2017-2019

لا مانع من الاقتباس او النقل شريطة ذكر المصدر