محمد حجازي - ناطق نيوز
هو شريط حقيقي عن شخصية "باري سيل" الهلامية، الذي إستطاع خلال سنوات قليلة (بين 1980 و1986) الإنتقال من شركة طيران مدنية، إلى مالك طائرات خاصة تتولى نقل المخدرات من أميركا اللاتينية إلى عمق الولايات المتحدة، وشحن الأسلحة الأميركية إلى الثوار المعادين للأنظمة الشيوعية بتنسيق مع الـ"سي آي إي" وأجهزة"البيت الأبيض، يجسدها على الشاشة النجم "توم كروز".
" American made"( للمخرج دوغ ليمان، عن نص لـ غاري سبينيللي) عنوان الفيلم الذي يعيد التذكير بمآثر "سيل" الذي لم يكن ذكياً بقدر ما كان واقعياً يقود الأمور من دون تخطيط معتمداً على صفة الشفافية والواقعية والطمع بمال إضافي يرضي فيه زوجته المتبرمة من البدل الذي يتقاضاه لقاء عمله طياراً، وإذا بفرصة تتاح له لكي يؤمن حمل طرود من المخدرات من كولومبيا إلى مناطق مختلفة في أميركا، لقاء مبالغ راحت تتضاعف كلما زادت الكمية أو صعبت المهمة، وإذا بالأموال تتكدس ويعلو إرتفاع كمياتها في مستودعات منزله الجديد الذي إنتقل إليه بناء لرغبة مسؤول الـ سي آي إي الذي تواصل معه رغبة في تأمين نقل أسلحة إلى ثوار يقاتلون الأنظمة الشيوعية في أميركا اللاتينية، وراحت الأمور تكبر وهو ملأ المصارف بالأموال، وبدت النعم عليه بشكل فاقع.
تماهى "سيل" في إرتباطاته غير الشرعية إلى درجة أنه إصطحب زوجته "لوسي"( سارة رايت) إلى معقل المهربين الكبار أمثال "إسكوبار" لكي تكون على بينة من قدر المودة الموجودة بين الطرفين، وعندما عاد طلب إلى إدارة "البيت الأبيض" حيث أّبلغ أن واجبه تجاه أميركا يقتضي أن ينصاع لخطة موضوعة وعليه الإلتزام بها وتم وضع كاميرات مراقبة داخل بطن الطائرة التي تحمل المخدرات والأسلحة من أوكار المافيا الذين ظهرت وجوههم واضحة في تقرير بثته الشاشات المحلية، وبالتالي تم كشف وجوه كبار الكارتل التهريبي، الأمر الذي حوّل حياته إلى جحيم، وحصلت مداهمات لكل الأماكن التابعة له وجرى نقل أطنان من الأموال المصادرة، ثم أطلق سراحه بوساطة من البيت الأبيض بعدما تخلت عنه الـ سي آي إي، ولم يعد العميل المباشر مونتي شافر( دومنال غليزون) حتى يرد على سيل عندما خاطبه وجهاً لوجه.
"سيل" صار وحيداً وبدا أمام زعماء المافيا أنه خائن بإمتياز، وعرف الرجل أنه دافع ثمن فعلته حياته، لذا أمّن نقل زوجته وإبنه إلى مكان بعيد حتى لا يطالهم أي أذى من أدوات المافيا في أميركا، إلى حد أنه كان يطلب من الناس القريبين من سيارته الإبتعاد قليلاً حفاظاً على سلامتهم، وبعد عدة أيام إقترب مسلحان من سيارته وأمطروه برصاصات من مسدسين كاتمين للصوت وسقط جثة هامدة في 16 شباط/ فبراير 1986 لتطوى سيرة رجل غرق في المال حتى أذنيه ثم إنتهى بعدة رصاصات في رأسه، وعرفنا أن زوجته تدبرت لها عملاً في أحد مطاعم الوجبات السريعة.