توجه لإستبدال المنتجات الاسرائيلية بالمنتجات الأردنية في أسواق جنوب أفريقيا الدكتور عبدالحكيم القرالة يكتب...أفعال،،بالمواقف والأرقام وزيرة النقل تلتقي وفد البنك الدولي لبحث نتائج الدعم الفني. الشؤون الفلسطينية تقدم عشرة الآلف دينار للهيئة الخيرية الهاشمية تبرعا لغزة العرموطي يوجه سؤالا نيابيا حول عمل وترويج بعض المصانع لبيع الخمور..وثيقة أمين عام الميثاق الوطني المومني: التظاهرات  والتعبير عن الرأي مسموح فيه، وهو متسق تماما مع الموقف الرسمي ومتسق مع مصالح الأردن. جلالة الملك يزور البادية الوسطى ترافقه جلالة الملكة وولي العهد عاجل...الميثاق الوطني يقرر رسميا المشاركة في الإنتخابات النيابية القادمة الدكتور بشار عوض الطراونة،، مبارك الترقية نفاع يدعو المراة الى استثمار فرصة المشاركة والتغيير مركزي الميثاق الوطني يعقد اجتماعه السنوي الاول ويصادق على التقرير السنوي للحزب..صور الاردنيون في جامعة طنطا يشاركون بفعاليات يوم الشعوب  الميثاق الوطني يرحب بقرار مجلس الأمن المتعلق بإيقاف الحرب على غزة اتحاد الإعلام الرياضي يواصل تحضيراته للحفل السنوي كتلة الإصلاح تنسحب من جلسة العفو العام

القسم : حوارات وتحليلات
صناعة الانسان
صناعة الانسان
نشر بتاريخ : Tue, 01 May 2018 01:12:37 GMT
ناطق نيوز- د. حسان ابو عرقوب

إن من أهم وظائف الأسرة والمجتمع والدولة 'صناعة الإنسان'، وهي صناعة مربحة لا تعرف الكساد؛ لأن الإنسان بعلمه وعقله وطاقاته من الممكن أن يحقق الإنجازات الكبيرة التي قد يُظن في وقت ما أنها من المستحيلات.

وتبدأ هذه الصناعة في المنزل، حيث يتم تنميط الأطفال من الناحية العقلية والسلوكية، وهذا من أكبر الأخطاء التي نمارسها، فنحن نحب أن يفكر أبناؤنا كما نفكر، وأن يتصرفوا كما نتصرف، فنقضي مبكرا جدا على أي إبداع قد تنتجه عقولهم. إذن لا بد أن يدرك الآباء والأمهات أن لكل جيل نمطا في التفكير والسلوك عليهم أن يمارسوه، وألا يكونوا نسخا مشوهة عن جيل الآباء والأجداد، لكن مع مراعاة الإطار العام للمجتمع وقيمه الأساسية بطبيعة الحال.

وفي المدرسة صناعة غاية في الأهمية، وأتعجب عندما أرى المعلم يتعامل مع الطالب بندية، وكأنهما في حلبة مصارعة أيهما يهزم الآخر، إن دور المعلم أن يفجر إبداعات الطلبة، وأن يضعهم على مناهج التفكير السليمة، لا أن يدعوهم ليفكروا مثله، ولا أن يعمل على إثبات جدارته عن طريق تعمية الأمور وتعقيدها؛ ليرفع راية الاستعلاء عليهم. 

على المعلم أن يضع نصب عينيه أنني أنتج الطبيب الذي سيعالجني وأولادي، والمهندس الذي سيبني داري، والمعلم الذي سيعلم أبنائي أو أحفادي، أنا أقوم بزراعة ما سيحصده أولادي من بعدي، فعلي أن أتقن الزراعة؛ لتكون الثمرة طيبة.

وينبغي أن نلاحظ أننا في البيت والمدرسة أمام مشكلة غريبة، وهي الانفصام التام بين المعرفة والسلوك، فنحن في غالب الأحيان لا تنقصنا المعرفة، ولكن ما ينقصنا هو توظيفها، ومثال ذلك، لو طلبت من أحدهم أن يعطيك من معارفه عن أهمية النظافة في حياة الإنسان، لسرد لك الآيات والأحاديث والأمثلة والأشعار، وسيقدم لك خطبة عصماء مكتملة العناصر. وما إن تضعه تحت المجهر، سترى أنه لا يلتزم بما يقول، فهو يلقي النفايات في الشارع، ويلوث البيئة، ولا يحمل في قلبه أدنى درجات المبالاة بشأن البيئة والنظافة على الرغم من معرفته الواسعة. كم من المشاهد المؤلمة التي نراها في شوارعنا من إلقاء النفايات وأعقاب السجائر من السيارات إلى الشوارع، هل تنقص هؤلاء المعرفة؟ أبدا ما ينقصهم هو توظيفها. 

إذن، كيف نعالج هذا الفصام بين المعرفة والسلوك؟ لا بد من إضافة التدريب على السلوك مع التزويد المعرفي، بمعنى أننا لا نكتفي بتعليم أولادنا بعض المعارف في منأى عن تطبيقها ومزاولتها، فعندما نتحدث عن أهمية البيئة والنظافة، فعلينا أن نعلمهم عمليا كيف يقوموا بإلقاء النفايات في مكانها الصحيح، وأن أنبههم على أي سلوك غير سوي قد يقعوا فيه يخالف القواعد الصحيحة، ولا مانع من أن يقوموا ببعض عمليات المساعدة في تنظيف المنزل أو حديقته ليشعروا بأهمية النظافة، وما تشكله من تعب، فيعملوا على المحافظة عليها. وكذلك ليشترك الطلاب في تنظيف مدارسهم، ليحافظوا عليها، وليمارسوا المعرفة سلوكا. هذا بالطبع مثال واحد، وغيره يقاس عليه.

في دور العبادة نسمع المواعظ والدروس والخطب، ولا شك أننا نتأثر إلى حد ما بما نسمع، لكن لو قام أصحاب الشعائر بمبادرة حقيقية على أرض الواقع لكنا نتأثر بشكل أكبر، فلو دعا أحد أصحاب الشعائر إلى يوم يتم من خلاله تنظيف دور العبادة من أهل الحي الذين يزورونها، ودعا في يوم آخر إلى تنظيف الحي الذي يسكنونه، وقاد صاحب الشعائر هذه الحملات بنفسه، فيوم للنظافة، ويوم لزيارة المريض، ويوم للتداوي المجاني، ويوم للقراءة، وهكذا؛ ليتم الخروج من التنظير إلى الممارسة العملية التي تكون أكثر انعكاسا على سلوك الأفراد.

إن كنا نتحدث عن صناعة الإنسان فنحن لا نتحدث عن المعرفة فقط بعيدا عن ممارسة هذه المعارف على أرض الواقع، فلا يكفي أن أعرف أن السرقة جريمة في القانون، ومحرمة في الدين، ومع ذلك أقوم بها؛ لأنني أفكر في نفسي، ولا أفكر في مجتمعي، وما تعكسه مخالفاتي عليه.

هذا الفصام بين المعرفة وتوظيفها يولد نوعا من عدم الانتماء للمجتمع والوطن، يزرع الأنانية والأثرة في نفوس الناس، فرمي النفايات من السيارة إلى الطريق رسالة مفادها أن سيارتي ونظافتها أهم من طريقكم ونظافته، وأنني لا أريد أن أتصرف كإنسان نظيف يحافظ على البيئة. هي الأثرة وقلة الانتماء، ومثل هذا يقال في المرتشي، والكاذب، والمختلس، وهلم جرا. فلا بد من أن نعزز تطبيق المعارف والأخلاق، وتعزيز الروح المجتمعية عند الأفراد؛ ليشعروا بانتمائهم لوطنهم. فأنا عندما أساهم في نظافة وطني سيزعجني بلا شك من يقوم بتلويثه، وعندها لن يقبل المجتمع هذا الإنسان الشاذ الذي يتصرف بتهور، وسيواجه عزلة تقوده للطريق الصحيح مرة أخرى.

ختاما إننا في هذا العالم نعاني من مشكلات كثيرة، ولا شك أن مجرد التفكير في حل ما هو طريق لحل بعضها، والقوة الحقيقية تبدأ بالخطوة الأولى، فمن يخطوها؟

جميع الحقوق محفوظة لموقع ناطق نيوز 2017-2019

لا مانع من الاقتباس او النقل شريطة ذكر المصدر