ناطق نيوز-بقلم الكاتب عوض الصقر
يشكل قرار الرئيس الامريكي دونالد ترمب بوقف الدعم الامريكي لموازنة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والذي يقدر بـ(300) مليون دولار سنويا، تحديا خطيرا للوكالة التي تعاني أصلا من عجز مالي يتكرر في كل عام.
والقرار الامريكي الذي يستهدف وجود الشعب الفلسطيني وكرامته وحقوقه التاريخية سيزيد من معاناة اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات الاونروا الخمس وهي الاردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة وهو يأتي في سياق الضغوط التي تمارسها الإدارة الأمركية بناء على إصرار إسرائيلي لتفكيك الاونروا وممارسة الضغوط على الدول المضيفة للاجئين الفلطسينيين لتضييق الخناق على اللاجئين للتنازل عن حق العودة بشكل نهائي والرضوخ للاملاءات الصهيو-أمريكية تمهيدا للقبول بمؤامرة صفقة القرن.
وكانت الأونروا قد تأسست في عام 1949 بعد النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني بعام واحد بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتقديم الخدمات التعليمية والرعاية الصحية والاجتماعية لنحو سبعمائة ألف لاجئ فلسطيني تم تهجيرهم من ديارهم تحت وطأة العصابات الصهيونية المدججة بالسلاح والعتاد وتواطؤ إقليمي ودولي، وقد وصل عددهم اليوم أكثر من خمسة ملايين لاجئ يقيمون في المناطق المذكورة.
وعليه فالأونروا تشكل شاهدا حيا على قضية اللاجئين الفلسطينيين كما أنها تجسد التزام المجتمع الدولي بقضيتهم لحين حلها وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ولهذا تصر إسرائيل على تفكيكها وإنهاء وجودها.
وبدون أدنى شك فإن الأردن سيكون المتضرر الرئيسي من القرار الامريكي ومن أي تفكيك للاونروا أو تقليص لميزانيتها كونه يستضيف نحو 2,2 مليون لاجىء فلسطيني أي ما يعادل نحو 42بالمئة من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى الأونروا، ما يجعل الاردن أكبر دولة مانحة ومضيفة لهؤلاء اللاجئين.
إن قضية اللاجئين الفلسطينيين التي كانت في السابق تمثل حالة من الألم والتعاطف والقلق على مصير هؤلاء اللاجئين من قبل الدول العربية والأوروبية والدول المحبة للسلام، أصبحت اليوم تستخدم ورقة للمساومة والحصول على التنازلات المشينة لصالح الكيان الاسرائيلي الغاصب، بعد أن نقل ترمب سفارته إليها واعتمدها كعاصمة موحدة لاسرائيل وبالتالي، استبعدها من أية تسوية قادمة!!.
ووفقا لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية ها هو جاريد كوشنر صهر ترمب ومستشاره يضغط على الأردن، لتجريد أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني من صفة اللجوء تمهيدا لحل الأونروا وإنهاء وجودها.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الامريكية أيضا فإن إدارة ترمب، التي لا تخفي تحيزها واندفاعها اللامحدود لدعم الكيان الصهيوني الغاشم، ستطلب من الدول الاوروبية والخليجية التي تدور في فلكها لوقف الدعم المالي للأونروا بما يؤدي في النهاية لحرمان اللاجئين الفلسطينيين من جميع الخدمات التي تقدمها لهم، ما يعني أن المنطقة مقبلة على دوامة من العنف والفوضى والتطرف لا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه وتعالى.. وهذا يعني أن المصالح الامريكية والاسرائيلية ستكون معرضة للخطر كنتيجة حتمية لقرار ترمب الأرعن.
إن جميع المؤامرات التي تحاك ضد قضية اللاجئين الفلسطينيين من قطع للتمويل المالي ورهنها بالمواقف السياسية ستفشل أمام صمود الفلسطينيين وتحديهم وتمسكهم بقضيتهم المصيرية، التي لا تقبل أية مساومة إلا بعودتهم لوطنهم السليب.
مطلوب من الحكومة الأردنية أن تعلن حالة الطوارئ القصوى والتوجه إلى مجلس الامن الدولي وهيئة الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية وتحميلهم مسؤولية ما سيحدث للشعب الفلسطيني من كوارث انسانية لا حصر لها لمواجهة هذا الواقع المؤلم وأن تكثف جهودها على المستويين العربي والدولي لحشد الدعم لموازنة الوكالة لتعويض العجز الذي سيسببه انسحاب أمريكا والدول التي تدور في فلكها.. فهل من مستجيب؟؟