ناطق نيوز- بقلم : عوض الملاحمه / مستشار أعمال
المواطن الأردني كان مضروباً به المثل في الكرم والعطاء والسخاء ومساندة الغير في الشِدَّة والرخاء ، لكن هذا أصبح من الماضي ، من الذكريات ، من الحسرات ، لا بل وكأن الكرم أصبح من المحرمات ، منذ ثمانينيات القرن الماضي والمواطن يتلقى الصفعات المتتالية ، المتوقعة منها والمفاجئة ، الموجعة منها والمدمرة ، لكن لصلابته وقوة إحتماله وشِدّة انتمائه لوطنه كان يكتم غيضه ، ويداري عوزه ، ويشِدُ مئزره ، ويضغط أحزمته ، حتى التصق بطنه بظهره ، وتغيرت العادات ، وتقلصت الالتزامات ، واختفت الولائم والدعوات ، ووجد نفسه مجهداً منهكاً لا يقوى على المسير ، وليس لديه ما يساعده على التدبير ، فصرخ صرخة يغلفها الكبرياء ، باكياً من الشِدّة بعد الرخاء ، متوسلاً ومتوسماً النظر اليه ولو بعين العطف والرجاء ، واستمر صراخه حتى لامس عنان السماء ، لكن ما من مجيب ، ولا من شعور بالمسؤولية يرتجى ، والآن بلغ السيل الزبى ، وحط رحاله وقطع الرجا ، واستنفذ كل ما لديه من صبرٍ ، واستبد به القهر ، وشعر بالذل والهوان ، وتأكد بانه لا مجيب لشكواه ، ولا معين غير الله وسواه ، وان الأذان صماء ، وليس مطلوباً منه فقط ان يقطع الرجاء ، بل انه لم يُستنفذ بعد ، وانه مطالب لتقديم المزيد ، وانه مازال مطالباً بالتضحية من أجل الوطن ، وانتشرت مقولة ان موازنات الدول من جيوب ابنائها ، لكنهم نسوا ان مواطني هذا الوطن لم يعد لديهم جيوب ، فما الداعي لها والدخل منهوب ، إستمعوا واصغوا وتأملوا في الفيديوهات ومقالات المناشدات ، والصراخ والعويل وقَدّ الجيوب وقطع الشوارع والدروب . وانخفض مستوى الاحترام ، وسقطت كل المحرمات ، ولَم يعد هناك خطوطٌ حمراء ، وتردى مستوى الحديث ، وانتشرت الإشاعات والاتهامات ، ولَم يعد هناك مسلمات ومحرمات . لكن رغم هذا ، هل يلام المواطن !؟ لا والله ، خاصة وهو يرى من باعوا مقدرات الوطن بأبخس الاثمان ، قد سرقوا ونهبوا كل شيء ، والآن يُنَظِّرون على المواطن ويتهمونه بعدم الانتماء ، وعدم استعداده للتضحية والوفاء ، وهم يتبجحون ويتنافسون ويتغنون بالامن وألامان ، متناسين ان من صنعه هم الفقراء ، حيث خَطّْوه وسطَّروه بدماء الأبناء ، أما هم فالانتماء للوطن منهم براء ، ويتفيئون في ظلال ارواح الشهداء ، الشهيد الذي بعد ان يرتقي الى السماوات العُلى تتم ترقيته الى رتبة ربما لا تزيد علاوتها على الراتب على ثمن فنجان قهوة في أماكن ملتقى الاثرياء .
الوضع خطير ، بل جدُّ خطير ، والوطن مجهول المصير ، والمواطن وصل حد الانفجار ، بسبب محدودية الدخل وغلاء الأسعار ، بالله عليكم من المسؤول عن هذا الشقاء ، وهذا العناء ، إلا تلك الثُلة الهوجاء الرعناء التي سَرقت كل شيء وتدعي الوطنية والوطن منها براء . فليحذَر كل أصحاب القرار ، مِن الأردني الذي أوصلوه حدّ الدمار ، وهانت عليهم كرامته ، فالخوف الخوف من ان تصل مشاعر الأردنيين حد الإنفجار . اللهم ربي خُذ بيد أبناء وطني الكرام الأحرار ، وأنتقم ممن أوصلهم الى هذا الوضع ، الى هذا الدمار .