ناطق نيوز - بقلم : عوض الملاحمه / مستشار أعمال
الحياة وتعامل الناس لا بل والدنيا بأسرها يحكمها قاعدة الحقوق والواجبات والأخذ والعطاء ، وعلى هذا الرجاء يتولد الانتماء ، فقط نستثني عطاء الأم لأولادها لأن الأم تعطي دون مِنّةٍ ولا ترجو الجزاء ، فعلاقة الانسان بربه وصلاحه ونقاء سريرته ومسيرته يحكمها الأمل برضى رب العباد الذي يُؤْمل ان يقود الى الجنة ، المخلوقات الاخرى بمجملها من حيوانات وطيور وكائنات تلتصق بالأرض ولا تتركها أي تنتمي اليها بالمفهوم الإنساني طالما يتوفر لها متطلبات الحياة من ماء وغذاء وهواء وأمان ، وعند زوال هذه المتطلبات فإنها تهجر تلك الارض غير مأسوفٍ عليها ، الأب يَجْهَد في تربية أبنائه ويقدم لهم كل ما يلزم أملاً لا بل طمعاً في رعايته عند الكِبر وعندما يشحُ الدخل وينحني الظهر .
وكذلك الاوطان ، يَحْكُم علاقتها بالانسان التفاعل وتبادل المصالح بما يتجسد بمسمى الحقوق والواجبات ، حيث يجب على المواطن ان يقدم ما عليه من واجبات تجاه وطنه ، ليحصل على المقابل المتمثل بحقوقه المكتسبة من الوطن ، هذا التبادل النفعي موجود في كل دول العالم الا في الاْردن ومن على شاكلته من البلدان المنكوبة ، في دول العالم المتحضر يخدم المواطن جندياً ، تتكفل الدولة بكل ما يلزم عائلته من رعاية وعناية ومواساة للتخفيف عنهم في غياب مُعيلهم ، والجندي يحصل على أعلى الرواتب وارقى المزايا المعيشية من مأكل وملبس ومسكن ومعالجة طبية ورعاية نفسية وترفيه ورواتب مغرية ، وعندما ينهي خدمته يتمتع بنفس المزايا والمكتسبات ، والمواطن العادي أيضاً تتوفر له كل المتطلبات ، وعندما يكبُر ويبلغ الستين من عمره يصبح مواطناً متميزاً ( senior citizen ) من التسمية يتضح التميز والاحترام ، حيث يتمتع بمزايا مهولة لا داعي لسردها تجنباً لزيادة الغِل في نفوس الأردنيين ، فمن يعرفها يكفيه ما تجرع من حسرة ، ومن لا يعرفها لينعم بجهله .
أما المواطن الأردني فَلَو طبّقنا عليه قاعدة الحقوق والواجبات ، بالله عليكم لماذا ينتمى الى وطنه !!؟؟ فهو يكدح ويعطي ويعمل ويقاسي شظف العيش ومرارة الحياة ويقدِّم غالبية دخله لدعم خزينة وطنه ، لكن مقابل ماذا ؟؟ الغالبية لا يملكون بيوتاً تأويهم ، والتعليم تردى ، والخدمات الصحية تُمِيتُ أكثر مما تُشفي ، تصور أن المريض الذي يحتاج الى بعض انواع الفحوصات والمخططات يحصل على موعد يصل الى ستة شهور وأكثر ، وعندما يحين الموعد المرتجى يكون إما قد إستفحل المرض ولا رجاء من العلاج أو ودّع الدنيا بحسرة ، حتى الخدمات الاخرى المتميزة من البنى التحتية ينعُم بها من نهبوا مقدرات الوطن ، وعامة الشعب بلا خدمات ترتجى ، وإن وجدت ففي أدنى درجاتها ، ويكفينا نظرة مقارنة بين الخدمات المقدمة للمحافظات والقرى وشرق عمان بالخدمات المقدمة الى غرب عمان .
وعليه أقول أن الإيثار والتضحية والإنتماء عند المواطن الأردني العادي الشريف لا يضاهيه فيها إنسان بالمطلق لانه عطاء بلا رجاء ، لانه يقدم ما عليه من واجبات بمنتهى السخاء لينعم من نهبوا الوطن بالرخاء ، أما حقوقه فتُقدم له بِمِنَّةٍ ورداءةٍ .