ناطق نيوز-بقلم : عوض الملاحمه : مستشار أعمال
يرى الفيلسوف ديكارت في نظريته الخاصة بالوصول الى اليقين او الحقيقة او الوجود عن طريق الشك ، حيث يقول :'' إنني أشك ، وأستطيع الشك في كل شيء ، ما عدا شكي ، وبما ان الشك تفكير ، اذا انا أفكر ، وبما ان التفكير وجود ، اذا انا موجود ، اذا انا أفكر فإذا انا موجود'' . فإذا كان شكُنا الهدف منه الوصول الى الحقيقة كما فعل ديكارت فانه شكٌ إيجابي ومحمود ، أما إذا كان الهدف من الشك التشكيك والضياع والتدمير وضياع الاوطان وإهتزاز الثقة في كينونة ووجود الوطن فهذا شكٌ خبيث مدمر واذا نجح صانعوه فانه يقود الاوطان الى الهاوية . وعليه أسأل : لماذا دوماً بقاء الأردن ككيان مرتهنٌ ومرتبط ٌ بالشك في إستمراريته ؟؟ هل يتأتى ذلك من كِبر حجم وخطورة الاستهداف ؟؟ هل يتأتى ذلك من كثرة عدد المستهدِفين ، وقوَّتهم ؟؟ هل يتأتى ذلك من إتفاق الاعداء رغم التناحر فيما بينهم ، على إستهداف الأردن ؟؟ أعجبني قول إنتشر في الأردن منذ زمن وبين الفينة والأخرى يتداوله الناس بأن '' الأردن مثل خبز الشعير مأكول ومذموم ''.
مما لا شك فيه ان الدولة الاردنية على مدى قرونٍ طويلة تفشل دوماً في التعامل في شؤونها الخارجية وعلاقاتها مع الدول في توظيف المواقف لمصلحة الأردن كدولة ، حيث تنسى الدولة الاردنية ان علاقات الدول دوماً وبشكل مطلق تحكمها المصالح لا المباديء ، وان التعامل بين الدول يختلف عن التعامل بين الأفراد الذي تحكمه الأخلاق والمبادىء والقيم ، حيث يمكن ان يُنعت الفرد بانه إنتهازي او مصلحي او إستغلالي او انه ميكافيللي الغاية عنده تبرر الوسيلة ، الأمر مختلف تماماً بين الدول فالمصالح هي التي تحكم علاقات الدول ، لذلك يقولون في السياسة انه لا وجود لعدو دائم ولا لصديق دائم ، وقد تلتقي مصالح الدول في مواقف وتنسق مع بعضها وتتواصل وبنفس الوقت تتناحر في مواقف اخرى ، هذه هي السياسة مهنة اللاأخلاق ، ولنلتفت الى الوراء على مدى نشوء الدولة الاردنية نجد ان تعاملنا مع مواقف الدول الاخرى بأسلوب الفزعة والنخوة والشهامة ونكتفي ولو بتلميح من مسؤول في دولة ما بان موقف الأردن شهم ونبيل .. الخ ، لذلك يقترن الشك في بقاء الدولة الاردنية واستمرارية بقائها ووجودها ، كما يبقى الفشل محور سياساتنا على المستوى الدولي ، وَيَاريت الدولة الأردنية تطبق القاعدة التي يأخذ بها الأفراد عادة وهي '' العاقل من يتعض بغيره '' ، او '' الانسان يتعلم من كيسه '' ، ولان كيس الدولة هو جيب المواطن لا أمل في ان تتعض . وللتوضيح أيضاً علينا ان لا نتطلع الى المساعدات المالية التي تقدمها الدول المقتدرة الى الدول المحتاجة بأنها إذلال وتعدٍ على السيادة ، هذا على مستوى الأفراد ، حيث يشعر الفرد بالخجل ممن يقدم له المساعدة ، أما على مستوى الدول ، لا يمكن ان تقدم دولة مساعدة الى دولة اخرى الا ومن ورائها مصلحة ، فقد تدرء عنها خطراً ما او تحصل على تعاون ما ، وهذه قاعدة المصالح . وعليه لم نصل الى اليقين في شكنا ، ويبقى الشك في استمرارية وجود الدولة الاردنية قائماً والسبب في ذلك يرجع الى ضعف النهج السياسي للدولة الاردنية الذي لم يعمل على صيانة وتعميق وتأكيد وجودنا ، حيث ما زلنا ونحن على اعتاب المئوية الاولى لتأسيس الدولة الاردنية وما زال الشك قائماً حول استمراريتها ، وفشلنا في تطبيق واتباع نهج ديكارت ولَم يقُدنا الشك الى يقين استمرارية بقاء ووجود الأردن كدولة .