بقلم : عوض الملاحمه / مستشار أعمال
بداية لا بد من توضيح ان من حق الدول ان تبحث عن مصالحها ، لكن هذا البحث عن المصالح يجب ان لا يتعارض مع القيم الدولية النبيلة التي تحكم علاقات الدول ، وان لا يكون فيه تعدٍ سافر على مصالح وسيادة دولٍ اخرى بل يجب ان يتم ضمن تفاهمات مع تلك الدول ، و ان يكون ضمن ضوابط اخلاقية وقانونية تحكمه ، وإلا أصبح إعتداءاً وتغولاً على الغير ، خاصة مع الدول المجاورة ، لانه لا يمكن تغيير الجغرافيا ، او نقل دولة من مكان الى آخر رفضاً لجيرة دولة أخرى .
وموضوعنا هنا هو إيران ، تلك الدولة الجارة والمشاطئة لعدد كبير من الدول العربية ، وقد كان السائد في الوطن العربي الإجماع على ان إيران دولة عدوة ، لكن أصاب هذا الإجماع العربي تصدعاً ليس باليسير ، ولا يمكن تجاهله في السنوات الاخيرة ، وتحديداً منذ تدخل إيران في الصراع السوري.
وللتوعية والتذكير ، ولتوجيه بوصلة الرأي العربي وتصحيح مساره الى الحقيقة ، أودّ ان أُذكر بالاتي : لابد من التذكير بأطماع ايران، ومنذ أيام حكم الشاه ، ومنها ، أطماعها لا بل إبتلاعها عربستان ، واحتلالها للجزر الاماراتية ( طنب الصغرى ، وطنب الكبرى ، وأبو موسى ) ، وأطماعها التي لا تخفَ على أحدٍ في الكويت ، والبحرين ، والسعودية ، والعراق ، وفي العراق يكمن الخطر الأكبر ، خاصة منذ ثورة الخميني ، حيث تمت أدلجة الأطماع وتغليفها بطابع ديني وانتهاج سياسة تصدير الثورة والعزف على وتر الطائفية باستغلال المناطق التي يتواجد فيها الطائفة الشيعية خاصة في الكويت والبحرين والسعودية ولبنان والعراق . ففي العراق ، وضمن تفاهمات ، لا بل مؤامرات ، إيرانية ، صهيونية ، أمريكية ، خلال حربي الخليج الاولى والثانية ، تم الاتفاق على إطلاق يد إيران في العراق ، حيث بدأت ايران في إستثارة النعرة الطائفية لدى بعض شيعة العراق ، إعتماداً على فئة من أصول عراقية ، لكنها عميلة لإيران ، تربت في مدارسها ، وارتبطت مع مخابراتها ، وأصبحت تأتمر بأمرها ، كما استغلت ايران حربي الخليج لإدخال وتوطين اكثر من مليون ونصف إيراني شيعي الى العراق وتجنيسهم للتغيير الديموغرافي في جنوب العراق تحديداً ، وها هي ايران الان تصول وتجول ، لا بل وتحكم العراق العظيم بواسطة عملاء عراقيي النسب ، إيرانيي الولاء ، وخير دليل على ذلك ما صرح به المسؤول الإيراني الكبير قاسم سليماني عندما قال ان العراق عادت الى ايران وأنهم يحكمون اربع عواصم عربية .
أما الذين خُدعوا من العرب وأصبح هواهم إيراني ، منذ تدخل ايران في الصراع السوري ، وأنهم هم الذين انقذوا سوريا من الانهيار والتقسيم الى دويلات ، نقول لهم ، نعم لقد احدث التدخل الإيراني فرقاً ، لكن الذي انقذ سوريا هو التدخل الروسي المباشر والقوي ، والدليل على ذلك ، ان التدخل الإيراني احدث فرقاً في بدايات الصراع فقط ، حيث بدأت الأوضاع تتراجع بشكل خطير ولولا التدخل الروسي المباشر لضاعت سوريا . هذا جانب ، أما الجانب الأهم الذي علينا ان نفهمه ونعي أبعاده ، هو ان التدخل الإيراني ليس تدخلاً للحفاظ على سوريا وإنما لاختراقها والتمكن منها والسيطرة عليها وتغيير ديموغرافيتها ..الخ ، وهذا يعني ان مصلحة ايران كدولة هي محركها الاول .
وعليه ، ورداً على من يتبنون فكرة شيطنة ايران ، أقول لهم ، لا ، لم يتم شيطنة ايران مطلقاً ، لان إيران هي الشيطان بنفسه ، وعداؤها للعرب جينياً بأصولهم الفارسية المجوسية ، ولَم يسجل التاريخ ولن يسجل موقفاً غير ذلك .