ناطق نيوز-بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه / مستشار أعمال
لا أدري لماذا يتم إعداد مشاريع قوانين موازنات عامة للدولة الاردنية !! ؟؟ الذي يدعو الى هذا السؤال ليس عدم المعرفة باهمية إعداد الموازنات العامة ، مطلقاً ، ان ما دفعني لذلك أسباباً تكمن في نهج الحكومات الاردنية . ولتوضيح الواقع المتبع منذ عقود زمنية مضت ، تُجهد الحكومة نفسها ، وتضيّع وقتها في إعداد مشاريع الموازنات ، ويعاني الوزراء والمدراء وكل من له علاقة بذلك معاناة شديدة حتى لا تتأخر أي وزارة في تقديم مشروع موازنتها للعام المقبل ، وعادة تقدم الحكومة مشروع الموازنة في شهر كانون الاول أي آخر شهر من العام الجاري ، لتقدمها الى مجلس النواب لإقرارها ، ويحولها مجلس النواب الى اللجنة المالية الخاصة بالمجلس ليتم تدارسها وتقدم اللجنة تقريرها لمجلس النواب ، بعدها تبدأ مناقشة مشروع الموازنة ، حيث يلقي غالبية أعضاء المجلس كلماتهم الاستعراضية الموجهة الى قواعدهم الانتخابية ، المغرر بها ، التي تتضمن في الغالب نقداً شديداً لبنود الموازنة ، ويعرجوا على طلبات دوائرهم وقواعدهم الانتخابية ، كما يشيروا جميعاً الى تردي مستوى الخدمات في كافة المناطق ، ويكيل بعضهم اللوم والنقد لمشروع الموازنة ولأداء الحكومة ، وبعد ان يفرغ كل نائب ما في جعبته من مطالب ونقد موجه للحكومة ، وبعد استعراض النواب لعضلات ألسنتهم ، يقدم النواب مقترحات للحكومات ، التي لا تأخذ بها عادة ، بعدها يتم التصويت على مشروع قانون الموازنة ، حيث يتم إقراره بكل تأكيد ، واجزم بذلك ، لانه في تاريخ الدولة الاردنية لم يرفض مشروع قانون موازنة مطلقاً ، أي ان موافقة مجلس النواب على مشروع قانون الموازنة تحصيل حاصل ، وتمثل الحكومات علينا بانها تتنفس الصعداء بعد الإقرار !!؟؟
وبعد ان يصبح مشروع قانون الموازنة العامة قانوناً نافذاً ، تبدأ الحكومات في الانحرافات وعدم الالتزام بالقانون ، فتبدأ بمناقلات في البنود ، وتوقف بنوداً وترحّل بنوداً اخرى ، وتعمل ملاحق للتعديل على القانون .. الخ الى ان يتم إفراغ القانون من محتواه بعدم الالتزام ببنوده ، وفي النهاية تعاني الموازنة من العجز ، وتقترض الحكومة لتغطية العجز ، لكن حتى الاقتراض لا يكفي ، عندها تبدأ الحكومة بالتفنن بكيفية إستغفال الشعب والتلصص على ما في جيوب المواطنين لسرقته ، وبالقانون أيضا ، وينشغل الناس ، وتبدأ الشكوى والاعتراضات والمظاهرات والمسيرات .. الخ من وسائل الاحتجاج .. لكن في النهاية تقرر الحكومة النسب والمبالغ ، ويدفعها المواطن طاغراً ، مكرهاً ، ومجبراً .. الخ
هذه هي دوامة مشاريع قوانين الموازنات العامة للدولة الاردنية ، وعليه ، لماذا لا نترك كل هذه الآليات الصورية ، وتصرِف الحكومة ، وتتصرف بما تراه مناسباً ، وهي صاحبة الولاية .. اذا كانت هي صاحبتها وتملكها .. وإحنا الشعب .. المسخوط ، المغلوب على أمره ، سنحول الموضوع الى الآلية العشائرية ، ونقنع أنفسنا بان الحكومة تتصرف هكذا ، ليس جوراً علينا ، ولكن الحكومة بتمون علينا لانها تعرف باننا شعبها المطيع ، ومثلما يقول المثل : إذا شفتها سُخره ، عملها معونه .
والسؤال المهين : الى متى سيستمر هذا النهج المخزي المتخلف ؟؟ والى أي هاوية نحن سائرون ؟؟