فنجان القهوة العربية ( المُرّة / الساده )
ناطق نيوز-بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه / مستشار أعمال
وطني يا من تفترش الأهداب وتغطيك الجفون ، يا بلد الصخب والسكون ، يا من تتمسك بعاداتك وتُسْكِنُها العيون ، يا بلد العجائب والغرائب ، يا بلد التعقيدات والجنون ، يا من هدّتك السُنون ، لكنك لم تستكين ، أيها الحنون القاسي ، يا بلد الفرح والمآسي ، المهتز الراسي ، يا بلد الكيف والسيف ، وإكرام الضيف ، وإغاثة الملهوف ، يا بلد الحدّيةِ والجدّيةِ والندّيةِ ، يا من عنوان كرمك وتسامحك فنجان قهوتك المُرّة قاهر المظلوم .. نعم قاهر المظلوم ، ومنقذ الجاني .. نعم ومنقذ الجاني .
فنجان القهوة العربية ( المُرّة ) مرارة حياة الأردنيين ، الدافيء دفء قلوبهم ، القليل بكميته المسكوبة ، الجليل بقدره وقدرته ، الصيني الصنع ، العربي الاستخدام والرمزية .
القهوة العربية يا رفيقة السيف ، وَيَا مرهفة الكيف ، وَيَا رمز إكرام الضيف ، يا من برمزيتك يسامح الأردنيون بروح من اختطفه المنون ، على يدي جاهل او أرعن او مجنون ، ويحلل الزواج بين البنون .. ما أقساك يا فنجان القهوة ، بهيبتك وقدرك تشفي غليل المقهور ، متجاوزاً طلب الثأر ورد الإعتبار .. وبتسامحك وطيبك وكرمك تُفرِّج همٌّ الجاني ويتجاوز كربه ومعضلته لا بل وجريمته .
ما زال لفنجان القهوة العربية ( المُرّة / او الساده) حضوره القوي في البيت الأردني ، رغم إنحسار الإهتمام اليومي به ، فلم تعد غالبية البيوت الاردنية تجهز القهوة العربية يومياً كما كان في السابق ، حيث كان والدي ووالدتيَّ عليهم رحمة الله ، يشرعون في إعداد القهوة العربية بعد صلاة الفجر مباشرةً وبشكلٍ يومي ، أما الان فينحصر إعداده في المناسبات فقط ، سواء افراح او اتراح لا سمح الله .
تصوروا معي لو ان شخصاً قال لصاحب البيت عند تقديم فنجان القهوة العربية له ( قهوتك مشروبة ) ولَم يشربها .. ماذا سيحدث ؟؟؟ وللعلم فان فنجان القهوة العربية في الأردن لا يحظى بنفس الاهتمام بخصوص ضرورة تجهيزه اليومي عند الأشقاء في دول الخليج العربي ، رغم أهميته عندهم والحرص الشديد على إعداده يومياً والمحافظة على هيبته واحترامه واعتباره من الضروريات عند الأشقاء في دول الخليج العربي ، حيث لا يتم اللجوء اليه كرمز لتجاوز وحلّ المشاكل الاجتماعية كما هو متبع في الأردن ، وإن وجد يكون أقل كثيراً عما هو الحال عليه في الأردن .
لم أُوفَق يومياً رغم كثرة أسفاري وترحالي في التوضيح لغير الأردنيين من غالبية العرب وكل الأجانب عن رمزية فنجان القهوة العربية عند الأردنيين وحدّية التعامل معه . ربما لانها خصوصية رمزية أردنية متفردة تستعصي على الكلمات ، ببساطة لانها في الوجدان ، فهي تُعاش فقط .
ما أحلاك يا وطني رغم مرارة العيش فيك .. فجمالك يكمن في تناقضاتك وتفردك حتى لو كان التفرد سلبياً .
حماك الله ووقاك من كيد الكائدين وتربص المتربصين .