بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
أستغرب من كل عربي ، لا يكون فكره قومي ، عروبي صميم ، صحيح ، حريصٌ ، ومكافح ، ومنافح عن قوميته العربية بكل ما أوتي من قوة ، وقُدْرة ، وتَمَكُّنْ ، لانه إن لم يكن كذلك فانه لا ينتمي لذاته ، نعم لا ينتمي لذاته ودمِه ، هل يوجد إنسان طبيعي لا ينتمي لذاته !؟ وعلى كل عربي حر ، قُحّْ ، أصيل ، ان يكون همّه قومي ، وفكره قومي ، وقناعته قومية ، وان لا يفارقه التفكير في الاستهداف الخطير من الاعداء ، ليحولونا ( لا بل حولونا ) الى أشلاء ، ممزقة ، ضعيفة ، مهيضة الجانب ، مكسورة الجناح ، لا نقوى على حماية أنفسنا ، والدفاع عن أوطاننا ، والحفاظ على مقدراتنا .
أتخيل ، لا بل ، في ذهني دوماً ، صورة خارطة الوطن العربي ، وهو فاردٌ جناحيه كالصقر ، في وسط قارات العالم ، مما عزز ، ورسخ استهداف الوطن العربي من الاعداء الطامعين بالثروات ، والطامحين للسيطرة على المنافذ البحرية والمواقع الاستراتيجية. لكن بسبب هذا الاستهداف البغيض ، الكريه ، عديم الأخلاق ، أراه وكأنه كسير ، مهزوم ،حزين ، لا يقوى على شيء .
أستغرب ، وأعتب ، على أصحاب التفكير الآني ، والنفس القصير ، والبصر الحسير ، والبصيرة الكسيرة ، ان يفقدوا الأمل في هذه الأمة ، فيُكثِرون من السكاكين التي تُقطِّع الأوصال ، وتُدمي القلوب ، دون ان يلتفتوا ، ويفهموا حقيقة كونية مطلقة ، وهي ان الأمم كما تزدهر ، تنهار ، وكما تعلو ، تكبو ، نعم : كما تعلو ، تكبو ، وتُصيبُها العثرات ، لكن لا يمكن ان يستمر هذا الانهيار ، ولن يدوم هذا الانحسار ، ولا بُدَّ لليل ان ينجلي ، ولا بد لهذه الأمة العظيمة بقدراتها وإمكاناتها إلاّ ان تنهض ، وتعلو ، وتسود ، ويعود ألقها ، وقوتها ، وان تنفُض عنها غبار الذُل ، والضعف ، والمهانة ، والهوان ، والتبعية ، ولنا في تاريخ البشرية منذ عشرات القرون العبرة والمثل الأبلغ والأقوى والأكثر رسوخاً .
يا أُمة العَرب ، سايكس وبيكو ، غرروا بكم ، واستغلوا هوانكم ، وضعفكم ، فمزقوكم ، وقسموكم ، وقضموا ما شاءوا ، لكن علينا ان نعتبر من تجارب الأمم ، وأقول لكل مُشكك او غير مُقتنع بالفكر القومي ، ان يتصوروا ، ما الحال التي يمكن ان نكون عليها لو توحدت الأمة ، او إتحدت ، او تكاملت كل الأقطار العربية ، تحت أي مسمى ، وعلى أي درجة تنسيق ، حتى مع المحافظة على كيان واستقلالية كل دولة !؟ وللاقتناع بان ذلك ممكناً ، أورد سؤالاً واحداً : لو قال لك أحدهم قبل بضعة عقود من الزمن ان أوروبا ستتوحد !!؟؟ ماذا ستقول له !!؟؟ حتماً ستنعته بالجنون المطبق المطلق ، لماذا !؟ لانه ليس لديهم ما يوحدهم ، لا بل لان لديهم كل عناصر الفُرقة والعداء ، لانه لا يجمعهم شيء بالمطلق ، لا بل بينهم عناصر فُرقة استدعت إقتتالاً وحروباً لقرون ، ذهب ضحيتها عشرات الملايين ، بينما يجمع الأقطار العربية كل عناصر الوحدة والتوحد او الاتحاد ، وليعلم الجميع ان عناصر وحدتنا اكثر بكثير من عناصر فُرقتنا ومنها : العروبة ، الدم ، اللغة العربية وقدسيتها القومية والدينية حيث حفظها رب العباد بوعد إلآهي من الاندثار بحفظ القران الكريم ، التاريخ المشترك ( حتى الإستهداف مشترك )، المصير المشترك ، وحدة الارض والجغرافيا ، العادات ، التقاليد ، الأعراف .. الخ
علينا ان لا ننسى ان الأمم ، تكون مِحَنُها بقدر إستهدافها ، لكن لابد من ان يعيد التاريخ نفسه ، وان تزهو ، وتزدهر ، لنزهو ، ونفخر بأمة العرب ، فأعظم درجات الليل الحالك تكون قبل بزوغ الفجر ، ضيقي يا شِدَّة لتنفرجي ويأتي الفرج ، وعليه فعلى كل مُشكك ، ومتشكك، ومهزوم ، ومأزوم ، ويائس ، ان يعلم ان الفجر قادم لا محالة .. هيا إستفيقي وإنهضي يا أمة العربِ ، فقد طال السُبات ، وسينتهي وقت الليالي الحالِكات