بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
بما أن الانسان مدنيٌّ بالطبع ، ولا يمكن له ان يعيش او يستغنى عن الناس ، إذاً ، لماذا يَقتل الناس بعضهم بعضاً !!؟؟ لكن السؤال الأكبر والأهم : من يدفع الناس ليقتلوا بعضهم بعضاً !!؟؟ الموضوع يرتبط ويتجسد في نهج بعض الدول الاستعمارية ، الطامعة ،والطامحة في السيطرة على أوطان الغير ، وعليه فان الشر المستطير يكمن في نهج بعض الدول التي تملك مقومات القوة ، وشن الحروب طمعاً في توسيع سيطرتها خارج حدود وطنها الشرعي الأصلي ، للسيطرة على المواقع و المنافذ الاستراتيجية ، او لنهب خيرات ومقدرات وثروات دول أخرى ، أقلَّ قُدرةً ، وأهَشَّ بُنيةً ، وسياسة ، ونهجاً .
التطور الهائل الذي يشهده التصنيع الحربي لكافة الأسلحة شيء مذهل ، ويفوق الخيال ، مثل الطائرات الهجومية بدون طيار ، والحشرة الطائرة التي تزن غرامات فقط ، وتحمل طلقة بوزن (٣) غرامات توجه لاغتيال الاشخاص وتحمل الطائرة الواحدة حوالي خمسين ألفاً في الطلعة الجوية الواحدة وتطلقها ، وكل واحدة تبحث عن هدفها وتجهز عليه . هذا عدا عن الصواريخ العملاقة المُدمِرة والطائرات والغواصات ، والأدهى والأخطر ما يتعلق بالأسلحة الجرثومية والنووية .. الخ
وعليه ، فهذا السلاح القبيح ، القاتل ، المدمر ، تهدف الدول العظمى او الكبرى هدفين من إنشاء إمبراطوريات تصنيعة ، الهدف الاول : إستخدامة كاداة تهديد ، وردع ، وقتل ، وتنكيل لإظهار القوة والجبروت لتوسيع مناطق سيطرتها ونفوذها في مختلف بقاع الارض ، أما الهدف الثاني : فيتمثل في زيادة ايرادات الدولة ، ورِيادة الدولة في التصنيع والتطور والتطوير الذي يندرج تحت مسمى تسابق التسلح ، وإيجاد فرص عمل ، مما يقلل البطالة ، ويساعد في نمو الاقتصاد ، وتنشيط الخدمات المساندة والصناعات الخفيفة ذات الصلة ، فتدور عجلة التصنيع ويزدهر الاقتصاد .
لكن الأخطر والأقبح يتمثل في إنتهاج هذه الدول أساليب إفتعال الصراعات والنزاعات والحروب ، سواء كانت داخلية بين ابناء المجتمع الواحد ، او بين الدول المجاورة ، وهنا يصبح فتك إمبراطوريات السلاح القاتل ، بالبشرية عظيماً ، مخيفاً ، مرعباً ، متجرداً من الحد الأدنى من الانسانية ، لا بل يفوق الوحوش ، وحشية ، وضراوة وقتلاً ، وفتكاً ، وتنكيلاً .
من قُبح نهج الدول المستعمِرة ، انها لم تغادر بلداً ، إلاّ وتركت فيه بؤراً للإشتعال ، تنخر في أجساد تلك الاوطان ، لتستخدمها في إشعال وإشتعال وإفتعال الصراعات الداخلية والخارجية ، وتعتبر هذه البؤر هي شرارة بدء تلك الصراعات والحروب ، فتوظفها توظيفاً لا أخلاقياً ، ولا إنسانياً لتشغيل مصانع الأسلحة لتدور عجلة الاقتصاد ويبدأ النمو ، نمو مجبول بدماء البسطاء ، الأبرياء ، المغرر بهم ، ومع كل الأسف العرب تحديداً هُم وقودها دوماً ، وبنظرة الى الخلف ، نجد ان المنطقة العربية لم تهدأ، ولَم تهنأ ، بهدوء او استقرار منذ قرون ، وليس عقود من الزمن ، فهل هذا صدفة !!؟؟ هل هذا من صُنعنا نحن !!؟؟ هل نحن متناحرون ، متباغضون لهذه الدرجة !!؟؟ طبعاً لا ، لكن هذا ما أُريد لنا ، وبنا ، لنكون مفعول بنا دوماً ، وما نحن بفاعلون بالمطلق ، فضعفنا ، وفُرقتنا ، وتخلفنا ، وجغرافيتنا ، وثرواتنا ، كلها شجعت الاعداء على استهدافنا ، فمن يَهُن يسهل الهوان عليه / ما لجرح بميت إيلامُ .
قعقعة السلاح ، وسفك الدماء ، وكثرة الاعداء ، وإمتهان إنسانية الانسان مقرها ومستقرها عند العرب ، دون ذنب جنوه او إثم اقترفوه ، الا لأنهم هدف سهل وسوق رائجة لتشغيل إمبراطوريات السلاح ، لسفك الدماء وامتهان كرامة الانسان ، وضياع هيبة الاوطان ، ونكتفي بان نعاني من قبح ، وفضائح ، وفضائع السلاح . انني ومن هم من جيلي ، ومن هم أكبر ، ومن هم أصغر قليلاً ، نحن جيل الهزائم ، والنكبات ، والنكسات ، وُلِدنا ، وها نحن في خريف العمر ، وقعقعة السلاح ، ورائحة البارود والدم تزكم أُنوفنا ، والأبشع والأقبح انه لا هدوء يرتجى ، ولا استقرار يحق لنا ان نحلم به ، وليس لنا الا ان نَجْتَرَ النكبات ، والويلات ، والحسرات الى أجلٍ غير معلوم .