ناطق نيوز - بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
الإعلانات وسيلة هامة من وسائل الترويج التجاري ، فلا تسويق ولا مبيعات ، ولا إزدهار لشركات او مؤسسات نشاطها صناعي او تجاري الا بالإعلان الذي هو أهم أدوات ووسائل الترويج ، وللعلم فان الإعلان أصبح يجمع بين العلم والفن .
لكن ، الملاحظ في الأردن ، ومنذ اكثر من عام ، ان الإعلان تغير هدفه ومساره وغايته ، حيث أصبحت الإعلانات القضائية في الصحف الاردنية ، تحتل المساحة الأكبر ، وللتدليل على ذلك ، فان الإعلانات القضائية تغطي مساحتها أحياناً ( ١٦ ) ستة عشر صفحة ، والخط الذي تكتب فيه الإعلانات ( بحجم النملة ) ، ولا تقل عن (١٢ ) اثنا عشر صفحة وبشكل يومي ، حتى خلال العطلة القضائية لم تنخفض اعدادها ، أليست هذه أرقاماً فلكية ، جنونية ، بينما كل انواع الإعلانات التجارية الاخرى إما صفحة او أقل ، وإعلانات العطاءات صفحة او اثنتين ، وهذا دليل واضح على الركود الاقتصادي .
على ماذا يدل ذلك ؟؟ هذا يدل دلالة قطعية على تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد ، وما يؤكد ذلك ان أحد النواب طالب بتخفيف الإجراءات المتخذة على ارتجاع الشيكات ، حيث أعلن رقماً مرعباً اعتقد انه ( ٢٢،٠٠٠ ) رجل اعمال وتاجر عليهم قضايا ارتجاع شيكات .
إقتصاد كل البلدان ، يمر بما يسمى الدورة الاقتصادية ، والتي تقدر مدتها ب ( ٥ ) سنوات ، يُصحح الاقتصاد خلالها نفسه ، فيمر بحالة تراجع وانكماش ، بعد كل فترة نمو وازدهار . لكن الحالة الاردنية الحالية هي حالة إنهيار ، وللتأكد من ذلك ميدانياً ، ليراقب كل إنسان المحلات التجارية في منطقته السكنية ، فالكثير من المحلات التجارية خرجت من السوق ، وأغلقت ابوابها ، والبقية الباقية تترنح ، ويتردد مالكوها باغلاق محلاتهم ، ويعيشون على الاقتراض من البنوك ، آملين التمكن من الاستمرار ، على أمل ان ينتعش السوق ، وقد التقيت ، وقرأت ، وسمعت ، عن مقابلات مع العديد من التجار ، يقولون انه بعد خبرة ( ٣٠ ) عاماً لم يمر عليهم مثل هذا التردي والانخفاض في المبيعات ، والأسباب واضحة ، وغير مُبَشِّرة بتحسن الوضع على المدى المنظور ، لان الأسباب ليست طارئة ، او آنية ، حتى يُتوقع زوالها ، لان السبب الرئيسي يتمثل في ارتفاع الضرائب على السلع ، وعلى الناس ، والغلاء الذي استفحل ، لدرجة الانفلات ، ومن المستحيل زيادة دخل العاملين ، فالرواتب كما هي ، والغلاء إستفحل ، فكيف يمكن توقع ازدياد القوة الشرائية !!؟؟
الوضع بائس ، وخطير ، فالدّين العام وصل الى ( ٢٩،٢ ) مليار دينار ، تعادل (٤١،٧ ) مليار دولار أمريكي ( ٩٥٪ ) من الناتج المحلي الاجمالي ، والاقتراض مستمر ، والضرائب وصلت أقصى الحدود ، ويبشرنا المسؤولون بان هذا العام لا زيادة على الضرائب ، وهذا يعني انه سيتم زيادتها العام القادم ، ومسؤول آخر ، يؤدبنا ، ويهددنا ويحذرنا كمواطنين( والحقيقة كطلاب وهو مُعلمنا ) إن لم نؤدِ ما علينا ، فانه سيتم زيادة الضرائب ، ومسؤول آخر يبشرنا بموافقة البنك الدولي على إقتراض ( ١،٢ ) مليار دولار !!؟؟ ( بشارة خير ، يا وجه ما شفنا منه الخير ) .
من يخرج من النشاط الذي يَعتاش منه ، سيزيد من عدد العاطلين عن العمل ، وعليه سيزداد الطابور ، وستتفاقم الأمور ، وستزداد الجريمة ، وستزداد إعداد الإعلانات القضائية ، لتنتفع بعض الصحف ، ويعوضها عن إعلانات الوفيات التي تراجعت بشكل ملحوظ بسبب لجوء الناس الى الإعلان بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي .
الاقتصاد في انهيار ، ووضع الناس وصل حد الدمار ، وحكومتنا تلجأ للأسفار ، لتنشيط الاقتصاد ، وهي غير عآبئة ، ولا آبهة بحال العباد ، نشكوهم لرب العباد ، مواطنين وتجار .