ناطق نيوز-بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
لا فرق مطلقاً بين الأماكن ، والأزمنة ، والأشخاص ، من ناحية الأهمية ، والقُدسية ، والمساهمة في صُنع تاريخ البشرية ، فمثلما يكون هناك قادة ، رموز ، لهم كاريزما خاصة ، ووقع وتأثير خاص ، وتفاعل متميز مع الواقع والأحداث ، هناك أماكن يُصنع او يتغير فيها تاريخ أمم ، سواء نصراً ، او إنهزاماً ، نجاحاً ، او فشلاً ، والتاريخ يُمجد المكان ، كما يُمجد الزمان ، والإنسان ، لذلك تجد ان لكثير من الأماكن قُدسية تفوق قُدسية الانسان .
مؤتة ، الارض الطهور ، والتراب المخضب بالزهور ، المجبولة والمروية بدماء الشهداء ، والقادة الشجعان ، من الصحابة الأجلاء ، الأنقياء ، الأتقياء ، الذين سطروا بطولات معركة مؤته الخالدة ، التي إمتزج وجُبِل فيها الدم العربي ، حيث اختلطت دماء عرب الجزيرة ، مع عرب بلاد الشام ، ووقف المسيحيون العرب الأقحاح ، وانحازوا لعروبتهم ، ضد الروم ، رغم وحدة الدِّين بينهم . فأعزّ المسيحيون العرب الأقحاح ، أهل أرض مؤتة ، وسكانها الأصليون ، أعزوا العروبة والإسلام ، ولهذا سماهم سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ب (( العزايزت )) لأنهم أعزوا بني جلدتهم العرب المسلمين . وهُزمت الروم ، شرّ هزيمة ، رغم التفوق الهائل ، عُدةً ، وعتاداً ، وإعداداً ، وأعداداً ( ٣،٠٠٠ ) في مواجهة ( ٢٠٠،٠٠٠ ) ، وكابد القادة المسلمون مكابدة شديدة ، وصبروا أيما صبر ، وتبدّل قادة الجيش ، عدة مرات ، وبقيت الراية مرفوعة ، والهامات تطاول السماء ، صبراً ، وجلداً ، على الجراح ، لدرجة ان تَبَدُّلَ القيادات ، نتيجة للاستشهاد ، او الإصابات ، لم يشهد التاريخ الإنساني لها مثيلاً .
مؤتة التاريخ ، والمجد ، والعزة ، والرفعة ، والجهاد ، قُيظ لها في عهد الرمزين العربيين ، التاريخيين ، جلالة المرحوم الملك الحسين ، وشهيد الأمة البطل صدام حسين ، فجاد العظيم الأول بالفكرة ، وجاد العظيم الثاني بالتمويل ، فتم إنشاء (( جامعة مؤتة )) ، الصرح الذي لم ، ولن يضاهى ، فأثبتت جامعة مؤتة جدارتها وتفوقها ، وتميزها ، ورفعتها ، ادارة ، وهيئة تدريس ، وطلبة . هذه الجامعة المتميزة ، جمعت بين جناحين ، غير مألوف الجمع بينهما ، لما بينهما من اختلاف ، يصل أحياناً حد التناقض ، الجناح المدني ، والجناح العسكري ، لكن رغم اختلافهما حد التناقض ، إنصهرا في بوتقة ، وحضن وطني ، وعروبي ، وانساني ، وتعليمي جامعي ، في جامعة مؤتة .
مؤتة الارض الطهور ، ومؤتة الجامعة التي بها إبن الوطن فخور ، ستبقين مُحَلِّقة عالياً بين الصقور ، لا يضيركِ ، حاسدٌ، او متربص ، او مقهور ، إهمليهم ، فهم لا يستحقون حتى العتاب ، هامات من يستظلون باسمك ، تطاول السحاب ، المتربصون بكِ هاماتهم منكسرة ، والعاملون فيك كلهم من طوال الرقبة . أهدافهم ، دنيئة ، وغاياتهم ، رخيصة ، لا تلتفي لهم ، وإقتدي بقول الشاعر : لو كل كلبٍ عوى ألقمته حجراً / لصار الحجر مثقالاً بدينارِ .
مؤتة الارض ، مؤتة العراقة ، مؤتة البطولة ، مؤتة العروبة ، مؤتة التضحية ، ومؤتة الشهادة والشهداء ، مؤتة نُصرة العرب المسيحيين الأقحاح لإخوانهم العرب المسلمين ، ومؤتة الجامعة ، مؤتة المعرفة والعلم والتعليم ، مؤتة تهميش الحكومات كأخواتها من الجامعات ، لا عليكِ ، فما لديكِ ، عظيم ، يعجز عن إستيعابه كل سقيم ، لكِ الرفعة ، ولهم الخِسة .
مؤتة ، لا عليكِ ، قافلتكِ سائرة ، وقلوب أعدائكِ حائرة . مؤتة ، هزمتِ جحافل الروم ، هل تعبئين ببعض من نفرٍ مأزوم !؟