ناطق نيوز-بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
الاْردن من شماله الى جنوبه ، حواضره وبواديه ، مخيماته وأريافه ، مدنه وقراه ، وحدة واحدة ، كل لا يتجزأ ، يدين بالانتماء الى كل ذرة تراب ، وليس من حق أحدٍ مسؤول او غير مسؤول ان يُنَظِّر في الوطنية ، والإنتماء ، ويزاود على شعبنا الأردني عامة ، وبكافة أطيافه ، لان شعبنا الأردني العظيم أثبت للعالم كله انه لا ينقاد الى المؤمرات العديدة ، متعددة المصادر والأهداف ، وانه تاجر بوطنه ، وحفظه من كل ويلات الاستهداف ، والمخططات التي تُحاك في ليل مُدلهم ، حالك السواد ، كسواد وجوه المتآمرين عليه من الداخل والخارج .
ما حدث في الرمثا الحبيبة ، بلد الشهداء ، والضعفاء ، من جور الفقر والتهميش والسياسات الفاشلة ، شيء مُشين ، ووصمة عار على جبين كل مسؤول ذو علاقة ، وحتى الذين ليسوا في سدة المسؤولية ، الذين يتغطرسون ، ويتبجحون ، في الحفاظ على الوطن وأمنه . بالتأكيد هم يعملون ذلك ليس من أجل الاْردن وطننا الحبيب ، وإنما من أجل محاباة أصحاب القرار ، متلهفين ، ( ومُنشنين ) على موقع هنا ، او منصب هناك ، متناسين ان ابناء الوطن عامة والرمثا خاصة ، هم جنوده الذين دافعوا ، ويدافعون عن حياضه ، وقدموا الشهداء ، وخضبوا ترابه بدمهم الطاهر الزكي ، ولا يرتجون منه الا السِتر ، ولقمة العيش حتى لو كانت مجبولة بشيء من كرامة مهدورة .
أقول لهذه الحكومة ، وللحكومات السابقة كلها ، الكل يعرف انه على مستوى دول العالم كافة ، هناك تواصل ، وتهريب ، وعلاقات بين السكان ، وربما تكون هناك وشائج قربى بين المناطق الحدودية ، ويكون هناك تهريب للسلع أيضاً ، وعليه فان ما يحدث من تهريب بين الحبيبة الرمثا ، والمناطق الحدودية السورية ، فهو ليس بغريب ، وتعرف به كل الحكومات المتعاقبة على الدولة الاردنية منذ قرنٍ من الزمان ، والغريب ، ان تلك الحكومات كانت تغض الطرف عن عمليات التهريب للسلع الاستهلاكية بكافة ، وبهذا تكون الحكومات المتعاقبة هي التي عطّلت القانون ، وعليه ، تشكلت مجموعات من تجار الرمثا الشماء الأبية ، خاصرة الوطن الشمالية ، يعتاشون منها ، وعليه أصبحت نسبة غير بسيطة منهم ، لا تعبأ بالوظيفة الحكومية ، وتعتاش ، وتُسْتَر بيوت من هذا النشاط ، وبهذا يكونوا قد ساهموا في خفض نسبة البطالة التي وصلت الى حدود كارثية . وغض الطرف من الحكومة ، يعتبر كأنه شرعن هذا النشاط ، او كأنه اعتبر تعطيلاً مقصوداً للقوانين الناظمة لنقل السلع بين المنطقتين الحدوديتين ، مجاراة للواقع ، وتسهيلاً على الناس . ولو ان الحكومات كانت جادة في معالجة هذا الخلل ، ووقف التهريب ، فقد سُنحت لها فرصة توقفه قسرياً بسبب الأوضاع التي حلّت بسوريا الشقيقة ، لمدة تقارب ( ٧ ) سبع سنوات متصلة ، فكان من الأجدر بالحكومات التي تعاقبت خلال تلك السنوات ان تعمل جاهدة على إعادة تأهيل أولئك الناس ، بوضع خطة ديناميكية ، قابلة للتطبيق ، والتنفيذ ، لإيجاد مصادر دخل مُستدام لهؤلاء الناس ، خاصة وأنهم كانوا يجأرون بالشكوى من إنقطاع مصدر رزقهم ، وان الفقر قد فعل فعله بهم ، حتى أصبحوا عاجزين عن توفير ابسط مستلزمات العيش لعائلاتهم ، ولكن السبات عمّ ، ولانها حكومات غير وطنية ، ولا يُشغل بالها همٌّ الوطن والمواطنين ، غرقت الرمثا في فقرها المُدقع ، وغرقت حكوماتنا في غِيّها ، وجهلها . وحتى عندما جاء الفرج على اهلنا وأحبتنا في الرمثا ، لم تتخذ الحكومة اية إجراءات تمنع فيها ذلك النشاط ، فَفهِم الرمثاويون ان الحال مستمر على ما كان عليه ، الى ان كشف الفريق الاقتصادي الحكومي الجهبذ عن جهله ، وضعف نهجه ، وسطحية سياساته ، وعدم قدرته على الارتقاء بالتخطيط على مستوى الوطن ، وتبين لهم عجز جديد ، عظيم ، فاضح ، يدل على ضحالتهم ، تنبهوا الى ان سبب العجز الجديد الذي أطل برأسه ، وغافلهم ، وأخذهم على حين غرّه ، ان مشكلة اقتصاد الوطن وأسباب تدهور اقتصاده ، وارتفاع عجز موازنته ، وارتفاع مديونيته ، يتجسد في عدد كروزات الدخان التي يسمح بإدخالها من المعبر الحدودي مع سوريا .
هزُلت ، هكذا حكومة ، وسقطت ، وأُخزيت ، ان يكون الوطن بهذه الهشاشة وهذا الضعف ، وهذا التقزيم .
حكومات متتالية تفتقر للنهج ، فأفقرت الوطن ، وأهانت المواطن .