ناطق نيوز-بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه / مستشار أعمال
كعادة كل الدول العربية التي إمتهنت ، وإستمرأت ، وتعايشت ، وتعودت على ان تَبقى خَلّفَ رَكب الحضارة ، إتبعت السلطة الوطنية الفلسطينية نفس النهج في إخفاء ، وعدم إفشاء ، وعدم نشر الاتفاقيات الدولية للعامة ، عدا ما يتسرب من بعض القيادات الفلسطينية ، مع انها تمس حياة الناس ، ويُخطط لتجهيلهم ، وهي في صلب حياتهم ، ومنها إتفاقية أوسلو ، المُعيبة ، التي أضرت بقضيتنا المقدسة أيما ضرر ، وقبل الخوض في تفاصيل موضوع المقال ، لابد من إعطاء بعض الأمثلة التي تدل على تطابق النهج الأردني مع هذا النهج المتخلف ، فمثلاً ، لا أحد يعرف في الأردن تفاصيل اتفاقية الغاز مع ألعدو الصهيوني ، كذلك الا تتذكروا معي اتفاقية الكازينو ، واتفاقية بيوعات العقبة وغيرها ، السبب واضح من عدم نشرها للعامة ، لانها مُعيبة ، ومُجحفة بحق الوطن والمواطن ، هذا عدا عن الضعف الذي يكتنف بنود هذه الاتفاقيات ، فمثلاً ، اتفاقية الكازينو تضمنت شرطاً جزائياً بان تدفع الدولة الاردنية غرامة قدرها اكثر من مليار دولاًر لو لم تتم إقامة المشروع ، واتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني ، مدتها خمسة عشر عاماً بقيمة خمسة عشر ملياراً .
بعد ان قضيت ثلاثة واربعين عاماً في القطاع الخاص ، بعد تخرجي من جامعة بغداد ، أيام كان العراق عظيماً ، أعرف كما يعرف غيري ان الصفقات التجارية تتم بين طرفين متعادلين في المنافع ، والكيان الصهيوني هنا إستفاد فائدة اكبر من عائد عملية البيع ، ويتمثل ذلك في التطبيع وكسر الحاجز النفسي ضد التعامل مع عدوٍ سلب الارض ، واستباح العِرض ، وشتت الشمل ، لا حظوا معي اننا دوماً الطرف الأضعف في كل اتفاقياتنا الدولية .
لِنَعُد الى موضوعنا ، إتفاقية أوسلو ، تصوروا معي ما يقوله بعض المسؤولين في السُلطة الوطنية الفلسطينية : (( أوسلو لم يتضمن لا كلمة إنهاء الاحتلال ، ولا كلمة إنهاء الإستيطان ، إسرائيل هي التي إستفادت من اتفاق أوسلو ، وفشِل الاتفاق فشلاً تاماً بالنسبة للأهداف الفلسطينية ، خسرنا وحدتنا ، خسرنا مشروعنا الوطني الجامع ، خسرنا دور منظمة التحرير الفلسطينية ، خسرنا حركة التحرر الوطني ، خسرنا الزمن وكسبه العدو الذي يتفنن في إستغلاله ، كل الذي حصل هو ان الحاكم العسكري الاسرائيلي نقل صلاحيات الادارة المدنية الى الحكم الذاتي الفلسطيني ، فبدل ان أُخاطب موظفاً عسكرياً اسرائيلياً ، أُخاطب موظفاً مدنياً فلسطينياً ، وهذا الموظف الفلسطيني هو حلقة الوصل بيننا وبين الحاكم العسكري الاسرائيلي ، والتنسيق الأمني يعني ان يصبح الفلسطيني وكيلاً أمنياً لإسرائيل ، كما يعني نصاً ان تلاحق السلطة الإرهاب والإرهابيين ( يقصد بهم هنا المناضلين الفلسطينيين ) ، وان لا تلاحق السلطة العملاء ولا تعاقبهم او تفصلهم من وظائفهم ، إتفاق أوسلو شطب كل شيء في القضية الفلسطينية ، إتفاق أوسلو أكبر فكرة عبقرية في تاريخ الاحتلال الصهيوني ، لانه ضَمِنَ استمرار الاحتلال دون ان تدفع إسرائيل كُلفته ))، إنتهى الإقتباس .لا أفهم ، هل هذا يعني ان الثورة أكلت أبنائها وسلّمت أرضها ، وشرعنت إحتلالها !!؟؟
لا بد من التذكير ، بان هذا العدو ليس ككل الاعداء ، يعني ليس طامعاً في ثروة ما وعند نفاذها سيرحل ولو بعد قرون ، ولا يغريه الموقع الجغرافي لغاية ما ، ولا مُستعمِراً سيرحل يوماً ما ، هذا العدو يشكل نسخة واحدة في تفرده على مدى تاريخ البشرية ، لانه ليس له شبيه ، هذا العدو إحتل واغتصب الارض ، وهجر وطرد أهلها ، وقتل ، واستباح ، وأقام كياناً مُصطنعاً ، واستوطن ، ووطن كل من يحمل الفكر الصهيوني من مشارق الارض ومغاربها ، هجر أهل الارض وشتتهم ، ووطّن بدلاً منهم صهاينة الشتات .
ماذا يعني ان اليهود غير المتصهينين يعارضون ، ويقاومون ، ويعملون ضد هذا الكيان ، ويدعون في صلواتهم لانهياره!؟ وخير مثال على ذلك حركة ( ناتوري كارتا ) اليهودية غير المتصهينة ، حيث يقوم معتقدهم على ان اليهود عَصَوا الله ، فكتب عليهم الشتات في الارض بسبب عصيانهم ، علّه يخفف عنهم عذاب الآخرة . هل هذا يعني ان اليهود غير المتصهينين يدافعون عن فلسطين وعروبتها أكثر من بعض من يتصدرون القرار الفلسطيني ويوافقون على اتفاق فيه خيانة للقضية الفلسطينية !!؟؟
بعد هذا فإنني أخجل حتى من ان أُعلِّقْ ، والتزم الصمت المُطْبِقْ ، حُزناً ، وكَمداً ، وغيضاً ، وقهراً ، على قضية عادلة ، سلّمها ممن يفترض انهم أبناؤها الذين يتصدرون المشهد ويحتكرون القرار الفلسطيني ، أما الشعب الفلسطيني العظيم ، شعب الجبارين ، فمصيبته ، أصبحت مصيبتين .