ناطق نيوز-بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
من ضَربهم !؟ أقصد : من أضرَّ بهم !؟ أقصد : من سبب عوزهم !؟ أقصد : من هَمَّشهُم !؟ أقصد : من الذي لم يُقدِّر سمو رسالتهم !؟ أقصد : من لم يعرف رِفعة مهنتهم !؟
المعلمون ورثة الأنبياء ، المعلمون يشاطرون الأنبياء نُبل الرسالة ، وتميز المقصد ، والعمل على رقي ، ورفعة ، وتطور ، وتحضر المجتمعات . بدون المعلمين نُصبح كُلنا جهلة ، أميون ، متخلفون ، عبء ثقيل ليس على المجتمع فقط ، بل على الإنسانية جمعاء . دور المعلم يمثل اللّبِنة الاولى في بناء مجتمع متعلم ، يمقت الجهل ، ويسعى للتحضر والتطور .
اذا كان لدى الدولة الاردنية نيّةِ حقيقية للنهوض في الوطن ، ورقيه وازدهاره ، وتطوره ، عليها ان ترفع من شأن المعلم ، معنوياً ، ومادياً ، واجتماعياً ، ونفسياً . يجب إعادة الهيبة له ، حتى يعكس ذلك إيجاباً على مهنته ، لينعكس رُقياً على طلبته .
لدينا أمثلة حديثة عديدة ناجحة ، وناجعة . لنأخذ ، ونقتبس ، ونطبق التجربة السنغافورية ، والماليزية . كانتا بلدين متخلفين ، معوزين ، في آخر حلقة من حلقات الحضارة الانسانية ، كان يقتلهم الجوع ، والفقر ، والمرض ، والجهل ، والتلوث ، والتخلف . وعندما قيظ الله لهما قيادة وطنية ، رشيدة ، خططوا لرفعة البلاد ، أول خطوة في نهج التطوير ، والنهوض ، والإصلاح ، كان تحسين ظروف المعلمين المادية ، والاجتماعية ، والنفسية ، ليكون قادراً ، ومهيئاً للعطاء الأمثل ، وقولبة جيل لديه قدرات متميزة على العطاء ، والابداع . من الخطأ ان تتوقع من معلم مهزوم داخلياً ، مُهمش اجتماعياً ، معوز مالياً ان يكون لديه القدرة على العطاء وبناء جيل يهدف منه البناء .
تُقتِّر الدولة الاردنية على المعلمين ، وتوعدهم بزيادات لتحسين اوضاعهم المعيشية ، وتتخلى عن وعودها ، بحجة عدم توفر السيولة اللازمة في الموازنة العامة ، ووجود عجز فيها ، بينما يتم تأسيس حوالي (٨٠ ) مؤسسة وهيئة لا داعي لها ، ولا لزوم لها ، سوى تنفيع المحاسيب ، واجتزأت هذه الهيئات مهامها من صلاحيات الوزارات ، وتكلف الخزينة ما يزيد عن ( ٢،٥ ) مليارين ونصف المليار دينار سنوياً ، بينما علمنا ان الزيادة السنوية لكل المعلمين بحدود ( ١٣٠ ) مليون دينار ، أليست هذه مهزلة !؟
أرى ان الدولة الاردنية هي التي تُصعِّدْ الموقف ، لماذا ؟ لان نقابة المعلمين كانت قد أعلنت مطالبها في العطلة الصيفية ، وعندما لم تستجب الحكومة لمطالبهم ، حددوا التظاهر والاعتصام ، مع بداية العام الدراسي . وهذا حقٌ مشروع ، كفِله الدستور ، لكل مغبون ، مقهور ، مسلوبة حقوقهم .
لكنني ارجو ، لا بل أتوسل من معلمينا ، ان يرتقوا باحتجاجهم ، وان يكونوا حضاريين ، وان يتجنبوا الألفاظ البذيئة والنابية ، وان لا يتم استدراجهم للتصعيد ، والانحراف في الأهداف عن المسار الحضاري للمطالبة بحقوق شرعية واجبة على الدولة الاردنية ، وان لا يتعرضوا للأجهزة الأمنية عامة وقوات الدرك خاصة ، لانهم أبناؤنا ، حُماة ديارنا ، وسياجه ، ودرعه الحصين ، وان لا تنسوا انهم يشاطرونكم المعاناة ، والعوز ، والحرص على الوطن .
أعجبني شعار مرفوع اثناء التظاهر يقول : كرامة المعلم من كرامة الوطن ، وهذه حقيقة مطلقة لا جدال ولا اجتهاد فيها .
حفظ الله الوطن من السياسات الهوجاء ، التي تجلب لنا البلاء .