ناطق نيوز - بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
أرجو من القراء الكرام ان يلتمسون العذر لي من تكرار عبارة ان وطني مُبتلى . لأن وطني مبتلاً فعلاً ، واسباب هذا الإبتلاء والبلاء والشقاء الذي نكابده شعباً ووطناً متعددة وكثيرة جداً ، لكن أهمها ناتج عن الاداء الحكومي الضعيف الهزيل . لم أرَ ولم اسمع عن حكومة في العالم ، تبحث عن التأزيم ، والتصيد ، والتصعيد واختلاق الأزمات الوطنية ، الا حكومتنا .
ومن الجانب الآخر ، فانني ارى ان نقابة المعلمين جانبة الصواب في تصعيدها الحالي . على الصعيد الشخصي فانني مع مهنة الانبياء ، مهنة التعليم ، مهنة التوجية ، مهنة قولبة الشخصية ، مهنة التدريس عظيمة الأثر ، سامية الهدف . أتشرف بانني احترم أساتذتي لدرجة تقارب التقديس ، ولا يمكن ان يغيب أساتذتي عن بالي ما حييت ، وللتدليل والتأكيد أتشرف بان اذكر لكم بعض من أساتذتي الأجلاء :- أستاذي / عبدالوهاب القضاة ، درسني في مدرسة زحوم الإبتدائية ، أستاذي / الدكتور خالد الكركي ، درسني في مدرسة الكرك الثانوية ، أستاذي / خليل الكركي ، كان مديراً لمدرسة الكرك الثانوية ، أستاذي / عبدالرحمن المعايطة ، مدير مدرسة أدر الاعدادية ، أستاذي / جمال الشبيلات ، درسني الكيمياء في مدرسة الكرك الثانوية ، أستاذي المرحوم / وجيه السحيمات ، درسني في مدرسة زحوم الابتدائية .. وغيرهم كُثر ، راجياً قبول اعتذاري لاستحالة ذكر اسمائهم التي اعتبرها تاج فخار على رأسي .
في الواقع ، ولو كانت الامور طبيعية ، لما اختارت نقابة المعلمين التأزيم في هذا الوقت بالذات ، لماذا !؟ لاسباب عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر : أولاً :- الحكومة رغم ما يكتنف مواقفها وسياساتها ، لم تتنكر للاتفاق الذي نتج عن اضراب العام الماضي ، لا بل صدقت بما وعدت - هذه المرة - حيث تم صرف العلاوة في بداية العام الحالي . ثانياً :- ان سبب وقف العلاوة يتمثل في جائحة كورونا . ثالثاُ :- ان قرار الخصم طال كل موظفي الدولة الاردنية بمن فيهم العسكريين والكادر الطبي ، وهم من واجهوا كورونا وحافظوا على الوطن . رابعاً :- ان الحكومة التزمت باعادة صرف العلاوة للمعلمين مع بداية العام القادم .
الاسباب التي اشرت اليها اعلاة ، منطقية وعقلانية واتت وفق السياق العام لسياسات الدولة الاردنية . وتؤكد على إنتفاء الإستهداف لنقابة المعلمين . وعليه أرى ان مجلس النقابة لم يكن موفقاً في التصعيد وان سببه الحقيقي طغيان المصلحة الحزبية عند اعضاء النقابة ، على المصلحة المهنية والوطنية . حيث كانت مصلحة الحزب هي المحرك الأساس . وبهذا يكون اعضاء مجلس ادارة النقابة قد انحرف عن بوصلة واهداف النقابة الى تحقيق اهداف حزبية ، بتوظيف الظروف الحالية الصعبة ، وتغليب مصلحة الحزب على مصلحة النقابة والمعلم والوطن ، وهذا فيه أنانية وإستقواء على الدولة ، وانحراف عن الاهداف المحددة للنقابة . رحم الله الدكتور احمد الحجايا ، الرجل المتميز خُلقاً وعلماً ورجولة وانتماءاً للوطن والمهنة ، ولا أظن احداً من الممكن ان ينسى كلماته الخاصة بالنأي بالنقابة عن الحزب .
أما الحكومة الاردنية ، فلم تكن اجراءاتها حصيفة ، ولا منطقية ، ولا ترتقي لمستوى ادارة وطن ، لانها ذهبت الى اقصى درجات التصعيد غير المبرر ، حيث تبدى لمن لا يعرف بواطن الامور وخباياها وخفاياها ، ان النقابة اوشكت على الإطاحة بالدولة الاردنية . لو كان هناك عقلاء ، ينتمون انتماءاً حقيقياً للوطن ، وهم بمستوى ادارة وطن ، لتم الالتقاء مع اعضاء مجلس النقابة ، وايضاح الامور لهم ، وتحفيزهم على تغليب وطنيتهم على حزبيتهم وحتى مهنتهم . وعليه تكون الاجراءات تتناسب مع المواقف مع البعد عن التصعيد .
مع كل الاسف لا بل والخجل تشعر ان آلية الطرفين لا ترتقي للمستوى ، وانها تصعيدية في ادارة الازمة وكأن الوطن ليس لديه مصاعب ، ولا تحديات ، ولا مخاطر . وعليه يتبين ان الطرف الحكومي موتور اجرائياً ، والطرف النقابي موتور حزبياً !؟ كما ان اسلوب المغالبة لا ينفع انتهاجة اذا كان الأمر يتعلق بالوطن .
إرحموا الوطن ، ارحموا البلاد ، ارحموا العباد . الوطن أهم واغلى واولى من الجميع . كلكم طارئون والوطن باقٍ ، وهو الأحق بالبقاء والاستمرار والوجود .