الدكتور جعفر المعايطة يكتب...رسالة إلى وطني المفدى  الشيخ فيصل الحمود: زيارة حضرة صاحب السمو الأمير التاريخية للاردن تعزز العلاقات الثنائية النموذجية بين البلدين الملك ينعم بميدالية اليوبيل الفضي على شخصيات ومؤسسات في محافظة مادبا..أسماء رئيس مجلس النواب الصفدي مستذكر الراحل حابس المجالي: بصمات المشير المجالي وجيشنا العربي في حروب فلسطين ستبقى مجالا لفخرنا واعتزازنا..صور في الذكرى السنوية الأولى لوفاته: مضر بدران.. رجل دولة بمسيرة سياسية وأمنية حافلة أمير الكويت يبدأ زيارة دولة للأردن.. فماذا تعني زيارة “دولة”؟ جلالة الملك سيزور المستقلة للانتخاب لتوجيهها لتحديد موعد لإجراء الانتخابات النيابية. هذا موعد الانتخابات .. فما مصير الحكومة والبرلمان ؟  الميثاق الوطني يقيم ندوة حوارية سياسية   حول المرحلة المستقبلية للاحزاب  الرئيس الصفدي يرعى احتفال جامعة عجلون الوطنية بمناسبة اليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك سلطاته الدستورية الدكتور جعفر المعايطة يكتب...خيار التعايش والسلام  الدكتور جعفر المعايطة يكتب...لمن أراد الحقيقة  الهيئات الإدارية في الميثاق تعقد إجتماعها الدوري  نقابة الفنانين الأردنيين: وصول الفيلم الأردني: "جميلة؟" للحاكم مسعود؛ لنهائي جائزة مهرجان كان السينمائي فخر كبير* وزير خارجية إسرائيل مخاطبا الرئيس اردوغان: عار عليك

القسم : قضايا عربية ودولية
الثقافة قلب المجتمعات النابض بالحياة
الاتحاد الأوروبي يمد جسوراً ثقافية في الأردن وتونس
  الاتحاد الأوروبي يمد جسوراً ثقافية في الأردن وتونس
نشر بتاريخ : Thu, 11 Nov 2021 09:08:58 GMT

 

الأردن - تالا أيوب

تونس - أيمن محرزي

خريسات، مطير، الصغير، مديوني … شبابٌ من جنسيات مختلفة، يحملون آراءً وأفكارا متباينة، إلا أنهم يجتمعون على محبة الثقافة، يؤمنون بأنها القلب النابض لمجتمعٍ ديناميكي مفعمٌ بالحياة، تقرّبهم صناعة المحتوى، يتوقدون بالطاقة، يتعطشون لاكتساب المعرفة والتحليق في سماء صناعة الأفلام.

ليسوا الوحيدين الذين يؤمنون بالثقافة وتأثيرها الاجتماعي والاقتصادي القوي، وإنما من قام بكتابة التقرير أيضا، «تالا أيوب» و «أيمن محرزي» جمعتهما ثقافتيهما المختلفتين، واتفقا على طرح فكرة صناعة المحتوى والأفلام في بلديهما «الأردن» و «تونس»، ومعرفة تأثير المشاريع الثقافية والمسابقات المتخصصة بهذا المجال على المجتمع المحلي ككل والشباب خصوصا ليمتد إلى البلاد، فيصطحبا القارئ في رحلة قطار ثقافية تبدأ مسيرها من الأردن.

رحلة ثقافية بكل تفاصيلها تروي نجاحات هنا واخفاقات هناك، وتحديات وعقبات تواجه الشباب المتسلّح بالأمل بحثا عن التميز، متناسين كل العثرات والمعيقات، مثلوا نماذجا تحتذى، وسطّروا قصص نجاح بعد أن مدت لهم يد الدعم والمساندة من قبل الاتحاد الاوروبي عبر مشاريع ثقافية متنوعة شكلت اساسا متيناً للتألق والتفوّق في عالم الثقافة والفنون، ودخوله من الباب الكبير.

من رياضي إلى صانع محتوى

في الوقت الذي كان فيه العشريني عمر خريسات رياضي وكابتنَ المنتخب الأردني لكرة اليد، اكتشف ميوله إلى صناعة المحتوى والأفلام، ودخل هذا العالم من خلال قناته الخاصة على اليوتيوب والانستقرام، اشترك بدورة متخصصة مكّنته من أن تتوّج مسيرته المهنية بفوزه بجائزة «مهرجان الفيلم الأوروبي» لسنة 2019 عن فيلمه «حبل غسيل»، ومشاركة مهرجان «مالمو للسينما العربية في السويد» وتم تكريمه هناك من قبل الاتحاد الأوروبي والقائمين على المهرجان.

خريسات الذي يبلغ 25 سنة من العمر، بين في حديث خاص أن بواكير دخوله عالم صناعة الأفلام الأولى تمثلت بانتسابه إلى ورشة «من الكتابة حتى المونتاج» في مركز أفلام تابع لـ «الهيئة الملكية الأردنية للأفلام» في مدينة «السلط» مدة أربعة أيام، وكتب سيناريو لأول مرة ومن ثم تم اختياره لإنتاجه بكلفة 50 دولار، بالإضافة إلى مساعدات الهيئة الملكية بتزويده عدة التصوير، لافتا إلى أن طاقم التصوير بأكمله كان أول فرصة له لأن يعمل بهذا المجال لأن جميعهم طلاب المركز.

وأشار إلى أن مدة تنفيذ الفيلم وصلت إلى أربعة أيام منذ لحظة الكتابة إلى إنهاء التصوير بالإضافة إلى تطوير الكتابة الذي استغرق يومين إضافيين، ومونتاج 10 أيام.

لاقى صعوبة كأول مرة يخرج فيلما، كونه يميل إلى الأفلام التي تحمل رسالة سامية وفكرة جاذبة هادفة كونه يبتعد عن الأفكار التجارية التي تعتمد على التسلية فقط، وانطلاقا من هذه النقطة كتب سيناريو الفيلم وتم اختياره من ضمن 20 فكرة لانتاجه.

مشاركة توّجت حياته المهنية

ذكر بأنه شارك بـ «مسابقة الفيلم الفرنسي» وتم اختيار الفيلم الذي شارك به من ضمن 72 فيلم، ووصل إلى النهائيات، وتابع: «أنبأني المعهد الثقافي الفرنسي في عمان بفوزي بـ مسابقة «مهرجان الفيلم الأوروبي» التي أثرت حياتي المهنية، كما فتحوا المجال أمامي وسهّلوا مشاركتي في «مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد».

صرّح أن فوزه في المسابقة ومشاركته في مهرجان «مالمو» أشعراه بأهمية امتلاك الشخص حسٍّ ابداعي ليستوحي أفكار لأفلام ناجحة هادفة تعرض في مهرجانات على مستوى محلي ودولي وأن ذلك ليس ببعيد، ويتطلب جهد وفكر وتصميم وإرادة، وأنه في المسار الصحيح. بالإضافة إلى أنه تم تشبيكهم مع عرب وأجانب أعطوهم دافعا للاستمرار في هذا المجال.

أجرى مقابلات على فضائيات عربية مختلفة، وكتب سيناريوهات أفلام بعد فوزه في المسابقة، آخر اثنين بعنوان «غرة دم» و «The Lost»، ويبحث عن راعٍ لهما ويتم إنتاجهما. ولفت الى أن «غرة دم» فيلم بدوي قديم قصير وتكلفته تصل إلى 15 ألف دينار أردني.

ويحلم بأن يرتقي بالسينما الأردنية؛ لأنها بحاجة إلى توثيق القصص الأردنية واطلاقها للعالمية، فإنه يراها ضعيفة نوعا ما، واهتمام الناس بالأفلام المنتجة بالأردن قليل جدا.

هيئة المعاهد الثقافية الأوروبية

بعد سماع تجربة خريسات كان لا بد أن نتوجه إلى القائم على مسابقة «مهرجان الأفلام» في الأردن وتسليط الضوء على برامجه ألا وهو «هيئة المعاهد الثقافية الأوروبية» EUNIC، فهو مشروع عالمي يهدف إلى أن يكون حلقة وصل تجمع ما بين المعاهد الثقافية الأوروبية والسفارات الأوروبية؛ لتوفير مكان لجمع ومناقشة أفكارهم وآرائهم وأعمالهم والقيام بمشاريع مشتركة.

قالت مديرة مشروع EUNIC في الأردن تالا السيد: «إن الهيئة مموّلة من الاتحاد الأوروبي، وإنها حلقة وصل ما بين المعاهد الخمسة الثقافية تمثل الدول الأوروبية الموجودة في الأردن: المعهد الفرنسي والألماني والإسباني والإيطالي والبريطاني بالإضافة إلى سفارات أوروبية موجودة في الأردن يصل عددها إلى 11 سفارة».

وبينت السيد أن EUNIC في الأردن يبني جسورا ثقافية ما بين دول الأعضاء والاتحاد الأوروبي في الأردن من خلال دعم فعاليات محلية مثل مهرجان «جاز عمان» و «الصورة» و «بلدك» وغيرها وتختلف المشاريع التي يدعموها سنويا. مشيرة الى أن كورونا قد أثرت في هذه السنة على الدعم.

ولفتت الى أن جميع الفعاليات التي يتم تنفيذها من خلال المشروع مجانية، وسهلة الوصول إلى مكان إقامتها لتجذب أكبر عدد ممكن من الناس.
وبينت جانبا آخرا من عملهم في المشروع بأنه يكمن في تنظيم فعاليات مختلفة خلال السنة تعنى بالثقافة منها «مهرجان الأفلام الأوروبي» ولقد تم الاحتفال بالنسخة ال 33 العام الحالي.

وأشارت السيد الى أنه ينبثق عن EUNIC أكثر من فعالية منها «مهرجان الأفلام» والذي يعرض مجموعة من الأفلام على مدار 12 يوما في أيلول سنويا، واستضافة ضيوف أجانب كمخرج الفيلم أو ممثلين شاركوا بالفيلم والتحدّث مع الجمهور الذين حضروا الفيلم والقيام بورشات عمل ودورات وندوات مختلفة موجهة للمهتمين بصناعة السينما، فضلا عن القيام بمسابقتين الأولى موجهة للمحترفين «مسابقة الموبايل»، والأخرى للهواة «مسابقة الأفلام القصيرة».

ولفتت الى أنه تم القيام بورشات عمل عن النقد السينمائي، ومساعد تصوير وصناعة أزياء السينما ونفذت هذه الورشات في وادي رم والسلط واربد وعمان.

وذكرت بأنهم يحرصون عند قدوم أغلب الممثلين أو المغنيين أو الرسامين أو أشخاص يتعلقون بالجانب الثقافي على الترتيب مع المجلس السياحي الأردني أو وزارة السياحة لاصطحابهم في جولة سياحية في عمان أو خارجها في أماكن مميزة مختلفة عما يرونه في بلادهم، أو أماكن تتعلق بتاريخ يحاولون أن يعرفوهم به.

وأكملت مبينة السبب: «وذلك يعود بفائدتين: أن يتحدثوا عن رحلتهم والأماكن المميزة التي زاروها في الأردن لغيرهم في بلدهم ما يشجعهم للسياحة في الأردن، وأن يستفيدوا في جانبهم العملي لأن يخططوا تصوير فيلم في منطقة زاروها لأن معظمهم من فئة المخرجين والممثلين».

وأشارت إلى أن الهيئة الملكية للأفلام يهتمون بإثراء صناعة الأفلام في الأردن، اذ لديهم صندوق دعم الأفلام الأردني ويدعمون أفلاما أردنية سنويا، اذ بتشارك مشروعنا كـ EUNIC واتحاد أوروبي و RFC Royal Film commission دعمنا فيلم «فرحة» من خلال صندوق الدعم في الهيئة.

وأكملت: «كما قمنا بالتعاون مع الهيئة برنامج على مدى 5 أسابيع باسم «الإقتباس السينمائي من الأدب» لأن هناك ضعفا في هذا الجانب في الأردن، وقد عملنا على إحضار روايات كتاب أردنيين وأشخاص يكتبون سيناريوهات أفلام ومدرب مختص في هذا الجانب ودربهم تقنيات اقتباس السيناريو بطريقة صحيحة من الرواية كي تكون الفكرة المقتبسة من الرواية كاملة وجاذبة وقوية».

وأشارت السيد إلى أنه قد زاد الاهتمام بصناعة الأفلام في الأردن إذ زاد عدد الأفلام التي وصلت إلى العالمية التي صورت في مناطق أردنية كـ «وادي رم» وأن الاهتمام بصناعة الأفلام الأردنية قد لفت الانتباه إلى الأماكن المميزة في الأردن ما جذب المخرجين والممثلين للتصوير فيها.

وترى السيد أن «مهرجان الأفلام الأوروبي» يحرّك سوق صناعة الأفلام في الأردن محليا ودوليا، كما ويرفع من مستوى خبرة صانعي الأفلام في الأردن لأنه يفسح لهم المجال بالاشتراك بدورات مجانية إذ يشترطون على كل من الحضور القادمين لعرض فيلمهم بأن يقدموا دورات وندوات مفتوحة للأردنيين والعرب المقيمين في الأردن الذين لديهم الاهتمام والخبرة بمجال صناعة الأفلام.

الهيئة الملكية للأفلام

بدوره، قال مدير قسم بناء القدرات في الهيئة الملكية الأردنية للأفلام عبد السلام الحاج: «لدى الهيئة باع طويل في التدريب المحلي على صناعة الأفلام يتميز باتساع رقعته ليشمل ليس فقط عمان، وإنما عدد من المحافظات حول المملكة من خلال سبعة مراكز افلام تابعة للهيئة».

ثمّن الحاج تعاون هيئة الأفلام الملكية مع الاتحاد الأوروبي الذي قدم الدعم في الأعوام الماضية للعديد من ورشات العمل توزعت بين عمان واربد والسلط والمفرق ووادي رم تميزت بتنوع مواضيعها مثل تصميم الأزياء ومساعد مصور والاقتباس السينمائي من الأدب والمختبر الافتراضي لصناعة السينما واستفاد منها ما مجموعه حوالي ٦٠ مشاركا ومشاركة، وتم إنتاج مجموعة من الأفلام القصيرة عُرضت في محافظات أردنية.

وبين أن الورشات تهدف إلى تزويد المشاركين بالمعرفة اللازمة والمهارات الضرورية من وجهة نظر احترافية، ويأمل أنها ستساعدهم على استكمال مسيرتهم المهنية بشكل أفضل وتمكينهم من التعبير عن أنفسهم ومجتمعاتهم من خلال فن الأفلام.

لم يقتصر الأثر الإيجابي للمشاريع الممولة من قبل الاتحاد الاوروبي على المشاركين فقط وإنما امتد الى الأردن أيضا، اذ نتيجة استضافة مخرجين وممثلين مشاركين في مهرجان «الأفلام» والقيام برحلة سياحية للتعرف على أماكن أردنية مميزة فقد تم توقيع اتفاقية بين بلجيكا والأردن للإنتاج المشترك، ولقد أُصدر البيان الصحفي التالي عقب توقيع الاتفاقية 265=http://www.film.jo/NewsViewar.aspx?NewsId

السينما في تونس .. جيل سينمائيين شباب

منذ 1896 تعتبر تونس من الدول الرائدة في الفن السابع ففي الخمسينات كانت هناك حوالي 95 قاعة سينما منتشرة في كامل ولايات الجمهورية، اليوم لا نجد في «تونس» سوى 10 قاعات سينما أغلبها متمركزة في العاصمة، وتقلّص عدد هواة السينما أمام الفجوة والنفور الحاصل توجه المهتمين بالسينما إلى البناء القاعدي من جديد لتكوين جيل مبدع من خلال التكوين في نوادي الاختصاص بدور الثقافة والشباب ونوادي الأطفال والجمعيات الثقافية المهتمة والجامعات المتخصصة في الإنتاج والتوزيع إضافة إلى صناعة السينما.

انطلقت حياة المنتج السينمائي ورئيس جمعية مسار للتنمية الثقافية ماهر مطير (38 سنة) السينمائية كناشط بنوادي السينما بدور الثقافة لتتحول الهواية إلى اختيارها شعبة في توجيه الجامعي لتحديد مستقبله المهني وبعد التكوين الأكاديمي، توجه لتأسيس جمعية تهتم بالشباب والثقافة وهي جمعيّة مسار للتنمية الثقافيّة تم تأسيسها في مارس 2012 بعد الربيع العربي هدفها تمكين شباب المناطق الأقل حظا في التنمية بتونس من أدوات التعبير السينمائي في سبيل تحقيق تنمية ثقافية عادلة.

 وحسب مطير فقد نظّمت الجمعية العديد من البرامج التدريبية والتظاهرات الثقافية لتحقيق أهدافها كبرنامج «خوذ و هات» الذي نجح في تحقيق نتائجه المرتقبة على مدى خمسة نسخ متتالية منذ سنة 2014 بتمويلات مختلفة الحكومية منها المركز الوطني للسينما والصورة ومندوبيات الشؤون الثقافية أو أجنبية كمؤسسة المورد الثقافي والمعهد الفرنسي والاتحاد الأوروبي.

 نجح برنامج «خوذ و هات» في إنتاج أكثر من 50 فيلم دقيقة من إبراز إبداعات الشباب المشارك، وذلك عبر تدريبات في تقنيات السينما وإنتاج فيلم الدقيقة لأكثر من 700 شابة وشاب تتراوح أعمارهم بين 14 و 21 سنة من شباب المناطق الأقل حظا في التنمية بولايات منوبة، زغوان، باجة، بن عروس، سيدي بوزيد والمهدية وفق مطير.

كما أسّس جمعيّة مطير أوّل مهرجان عربي وإفريقي مختصّ في فيلم الدقيقة، سنة 2021 ستنتظم الدورة الثامنة لمهرجان «دقيقة سيت-اين» الذي يعرض في كل دورة أكثر من 40 فيلم دقيقة من خلال فقرة «سينما العالم» وينتقي سنويا قرابة 20 فيلم دقيقة تونسي، عربي أو إفريقي للمشاركة في المسابقة الرسمية الدولية، بالإضافة إلى الندوات والورشات والعروض الاحتفالية على مدى فعاليات المهرجان.

أشرف مطير على برنامج «دقيقة سينما» وهو مشروع سينمائي تنفذه جمعية مسار للتنمية الثقافية بدعم من مؤسسة «تفنن- تونس الإبداعية» المموّل من الاتحاد الأوروبي والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بمنوبة من أبرز المشاريع حيث تعتمد الجمعية خلال هذا البرنامج على استراتيجية تأسيس الشراكات وتسعى إلى خلق صناعة سينمائية (منوبة نموذجا) بالتشبيك بين الفاعلين السينمائيين المستقلين والحكوميين.

وأضاف مطير أن المشروع مكّن أكثر من 180 شباب من المناطق الداخلية بولاية منوبة من آليات التعبير الفني لغاية الآن؛ وذلك من خلال تنظيم 12 ورشة تفاعلية في مختلف مهن السينما حتى اكتسبوا المعرفة بآليات إنتاج الفيلم ومن خلال توفير مكونين محترفين في مجال السينما يتميز المشروع بأنه لا يمكن الشباب فقط من معارف نظرية بل أيضا يمكنهم من معارف تطبيقية، فالمشروع يمنح فرصة للشباب للتعلم بطريقة تفاعلية لينتجوا حتى الآن عدد 24 من الأفلام القصيرة جدا و التي تعبر عن قضاياهم التي تشغلهم.

وبين مطير أن المشاريع السينمائية في مجال التكوين تم تمويلها من الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج دعم قطاع الثقافة في تونس (PACT) بدعم من «مؤسسة تفنّن تونس الإبداعية» وشمل شباب الأحياء، وتهدف المشاريع إلى تنمية مهارات شباب التونسي في التعبير والإنتاج السينمائي وتهذيب الذوق الجمالي وتنمية الحس الفني والنقدي لديه، وكذلك المساهمة في خلق صناعة سينمائية بديلة ومستقلة نابعة من الفاعلين المنتمين للمناطق الشعبية، وتم وضع كل الإمكانيات البشرية والمادية واللوجستية على ذمة هذه النوادي لإنتاج أفلام قصيرة سيتم عرضها خلال تظاهرة كبرى تنجز في تونس وتجمع كبار المهنيين والمبدعين السينمائيين، وإطارات وشباب هذه النوادي للالتقاء وتبادل الأفكار والنقاش حول الأعمال السينمائية.

منير الصغير (19 سنة) يدرس بكالوريا، يسير بخطى ثابتة على غرار سابقه -وهو أحد المنتفعين بالدورات التكوينية في السينما بدار الثقافة طبربة وسط العاصمة تونس- حيث كان موهوب بالتصوير بالهاتف الجوال في طفولته، وقد تطورت الموهبة مع تقدم السن، وساهم التكوين في صقل مواهبه وكشفت له هذا العالم الغريب على يد مخرجين مختصين في التصوير والمونتاج والإخراج.

وكانت فرصة له لدخول عالم الإحتراف من خلال المشاركة في إنتاج فيلم محترف عرض في أيام قرطاج السينمائية، وكان دوره مساعد إضاءة في الفيلم وقد ساهمت العمليات التكوينية لشباب في مهن السينما وكتابة السيناريو والديكور والماكياج والملابس إضافة إلى ورشات في مجالي التصوير والإخراج في تحقيق أحلامهم.

نفس الوضعية عاشها رامي مديوني (30 سنة) تخرج من الجامعة أكد أنه دخل السينما من باب حب الاكتشاف بعد إن كان ينشط في نادي المسرح، وأضاف أن تجربة التكوين التي تلقاها ساعدته كثيرا في كتابة السيناريو، وأنها كانت مناسبة لتشبيك بين شباب المولع بهذا الفن، وقد كونوا مجموعة وقاموا بشراء آلة تصوير متطورة وتجهيزات احترافية وانطلقوا بالتصوير لتحقيق موهبتهم إذ وجدوا الدعم المادي واللوجستي والأهم تواصل التكوين في المجال.

 ومن جهة أخرى أكد أستاذ سينما بدار الثقافة نصرالله بمحافظة القيروان طارق جملي «نحن لسنا في عزلة عن العالم في ما يخص الفن السابع وهو ما يفرض علينا الالتحاق بالركب في ظل هذه الطفرة الرقمية والتكنولوجية خاصة وأنه يتم تصميم ابتكار الجديد كل ستة أشهر من آلات تصوير والتقاط أجود للصوت ناهيك عن التركيب والإضاءة». 

 وأضاف الجملي «إذا ما نظرنا إلى موقعنا من هذه الزاوية فسنجد أننا متأخرون بأشواط، وأما في ما يخص تكوين الشباب في عالم السينما فهو يكاد يكون نظري لأننا ببساطة نفتقر إلى الإمكانيات خاصة داخل المؤسسات العمومية فأنا مثلا كأستاذ سينما بدار الثقافة نصرالله لا تتوفر لرواد النادي عندي سوى بعض المعدات البسيطة والتي لا تفي بالغرض وفي كثير من الأحيان أجدني مضطرا لسد النقص على حسابي الخاص مثلي مثل باقي زملائي».

وأكد الجملي بالنسبة للجمعيات والشركات الفنية التي تعنى بالسينمائيين فهي تمتلك أحدث التقنيات حيث أصبحت حلا مناسبا للشباب المولعين بهذا الفن مع وجود دعم خارجي.

واختتم حديثه أرجو أن تعيد الدولة الاعتبار للسينما والثقافة ككل من خلال رسم خطط جديدة للاستثمار في القطاع، وكذلك تأسيس شراكات مع الجمعيات والشركات الفنية للالتحاق بالركب العالمي من خلال رصد وزارة الشؤون الثقافة التونسية جزءا من ميزانيتها لدعم قاعات السينما قصد تجديدها وتجهيزها لتحسين ظروف عرض الأفلام ودعم المشاريع والمهرجانات التي تهتم بقطاع السينما.

الجامعة التونسية لنوادي السينما ملجأ الشباب

في السنوات الثلاث الماضية، استفادت الجامعة التونسية لنوادي السينما بدعم كبير من الاتحاد الأوروبي لتنفيذ جملة من المشاريع رئيسة حسب منال السويسي أهمها برنامج «سيني شباب» وهو برنامج تدريبي لفائدة الشباب أقل من 35 سنة المهتمين بصناعة الأفلام وقد تم تأطيرهم ومرافقتهم في كافة مراحل الفيلم من السيناريو إلى التصوير والمونتاج، إلى جانب ذلك اهتم البرنامج بدعم قدرات منشطي نوادي السينما في كيفية تقديم ونقاش المخرجين حول أعمالهم بهدف عرض النقاشات في حصة تلفزية أسبوعية. 

كما دعم برنامج «تفنن تونس الإبداعية» مهرجان السينما في حومتنا الذي تنظمه الجامعة منذ 2015 وذلك بتدريب المئات من الشباب في إعداد وتأطير ورشات تكوينية لفائدة الأطفال في صناعة أفلام التحريك. 

 

أضافت السويسي «نطمح لتدعيم برامجنا لتدريب الشباب من منشطي نوادي السينما في الإدارة الثقافية واللغة السينمائية والتحليل الفيلمي كما سنعمل في المستقبل على تطوير المختبر 49 الذي أسسته الجامعة في 2019 وهو أول محضنة سينمائية تهتم بتكوين وتدريب منظمي المهرجانات السينمائية في تونس».

وتابعت «نحن نسعى لخلق جيل جديد من الشباب القادر على تكوين الجمهور ونشر الثقافة السينمائية، ونعمل على تركيز نوادي سينما في أغلب المناطق حتى تكون منارات للسينما في الجهات، نحن نؤمن بديمقراطية السينما والعمل الثقافي، ولكل جهة الحق في الولوج للثقافة».

وتعوّل على شراكتهم الاستراتيجية مع وزارة الشؤون الثقافة والاتحاد الأوروبي وخاصة مع دور الثقافة والشباب في احتضان عمل النوادي، كما أن هناك خمسة مهرجانات تنظمها الجامعة عبر نواديها ويمثل فيها الشباب حجر الزاوية في التنظيم والبرمجة والجمهور حيث تصمم أغلب المهرجانات على أن تكون من ناحية منصات عرض للإنتاجات السينمائية للأجيال اليافعة من المخرجين.

وأكملت «يعمل كل مهرجان على توفير مساحة للنقاش مع صناع السينما وبرمجة لقاءات حول السينما إلى جانب الإقامات الفنية والتدريبات كمهرجان سينما السلام وأيام الفيلم القصير التونسي بقابس و «بعيونهن» بالحمامات و «سينما خضراء» بالرديف و «السينما في حومتنا» وهو مهرجان السينما المتنقلة في أغلب جهات الجمهورية».

وترى أن النقص الفادح في عدد قاعات السينما هو عائق أمام النهوض بالسينما، فهذا القطاع هو دورة حياتية كاملة بحاجة إلى كل عناصرها لضمان الديمومة والنجاح، أما في ما يخص قاعات العروض في دور الثقافة والشباب فأغلبها غير مجهزة أو غير جاذبة لفئة الشباب.

إشكاليات وعراقيل

أبرزت السويسي أن الإشكاليات التي تبقي معرقلة عدم وجود الدعم المالي واللوجيستي الكافي والبيروقراطية المعقدة والتي تتطلب مجهودا إضافيا لملفات الدعم وتنقصنا الخبرة في تعبئة الموارد والتنظيم الهيكلي لمؤسستنا إذا توفر الدعم قادرون على القيام بمشاريع تمس أغلب شباب المناطق الداخلية ففلسفة الجامعة هي نشر الثقافة السينمائية في كامل تراب الجمهورية والاعتماد على اللامركزية عبر شبكة نواديها وشبكة مهرجاناتها .بفضل تاريخ الجامعة العريق تمكنا في 70 سنة من المتوقع في أغلب المناطق كروافد عامة لنشر الثقافة السينمائية نعتبر أننا وجدنا الحلول البديلة بفضل الاعتماد على السينما المتنقلة للوصول لأغلب المناطق الداخلية.

السينما من الهواية إلى الاحتراف والاستثمار الاقتصادي والسياحي

تعتبر أيام قرطاج السينمائية من أكبر المهرجانات العالمية، وتعرض خلالها المئات من الأفلام ففي دورة 2021 شاركت تقريبا 45 دولة بإنتاجاتها بمدينة الثقافة، واستقبلت تونس آلاف السينمائيين من كافة أرجاء المعمورة لمتابعة العروض وساهمت في دعم السياحة الثقافية ببلادنا، إضافة إلى إبرام عشرات الاتفاقيات بين شركات الإنتاج وهي فرصة للموهوبين للبروز من خلال مسابقات للهواة.

وتم عرض 750 فيلما سينمائيا وتتوزع على عشرات القاعات بتعريفة دخول منخفضة (أقل من دولار واحد) تشجيعا للجمهور للإقبال عليها فضلا عن عروض السينما خاصة في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة حسب مدير أيام قرطاج السينمائية رضا الباهي.

وأضاف الباهي أيام قرطاج السينمائية تَطرُقُ باب الثكنات العسكرية وتُحافظ على عروضها في السجون ومراكز الإصلاح وفي الجهات، العروض السينمائية المدرجة ضمن المسابقة أو خارجها قد خضعت لمقاييس منها استيفاء الأفلام للأرضية الثقافية والهوية التي انبنى عليها المهرجان منها التعبير عن القضايا والمشاكل لدول الجنوب بلغة سينمائية جدية ومتجدّدة على مستوى الشكل لا على مستوى المضمون فقط.

لتبقى أهمية السينما في العالم العربي كونها إحدى الوسائل الإعلامية التي تُسلّط الضوء على قضايا المجتمع، وتنقل صوته بموضوعية أكبر من وسائل الإعلام المقيَّدة بسياسات وأنظمة صارمة، فمن خلال الإبداع في السينما يمكن أن تتفتح الأذهان لأفكار خلاقّة، فالسينما تستقي مضامين محتواها من محيط الواقع، وتبعاته المستقبلية. إنّ الأفلام تحظى بأهمية كبرى لدى فئات مجتمعية متنوعة وخاصة الشبابية، وقد تزايد الاهتمام بالأفلام بسبب تفاعل الناس مع القضايا الإنسانية.

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع ناطق نيوز 2017-2019

لا مانع من الاقتباس او النقل شريطة ذكر المصدر