الشيخ / حسين الطراونة .. شَخصِية وطنية وازِنَة
ناطق نيوز-بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
(( الجزء الثاني ٥/٢ ))
أما مواقف الشيخ / حسين باشا الطراونة تجاه القضية الفلسطينية ، فقد قام بزيارة تاريخية الى القدس ، حيث تم إستقباله بحفاوة بالغة من أبناء الشعب الفلسطيني . وكان يرأس الوفد الشعبي الأردني لمقابلة لجنة البراق في القدس . وقدّم الوفد مذكرة بإسم أهالي شرق الأردن إستنكر فيها مطالبة اليهود بحق إستخدام حائط البراق للعبادة ، وحذر من العواقب الوخيمة في حال منح اليهود حق العبادة في حائط البراق (( سيتم التطرق لذلك لاحقاً بشيء من التفصيل )). وإنتُخب الشيخ / حسين باشا الطراونه عضواً في اللجنة الوطنية لدعم الثورة الفلسطينية ، بعد مشاركته في مؤتمر بلودان عام ١٩٣٧ ، الذي دعت اليه لجنة الدفاع عن فلسطين في دمشق بعد صدور توصيات لجنة (( بيل Peel )) بتقسيم فلسطين عام ١٩٣٦ .
وهنا لابد من توضيح موجز لتوصيات لجنة بيل :- هي لجنة بريطانية ، مكونة من عدد من البريطانيين ، وتشكلت بعد إندلاع الثورة الفلسطينية في ١٩٣٦/١١/١١ وإمتدت حتى عام ١٩٣٩ ، ضد الهجرة اليهودية للأراضي الفلسطينية لغايات تهويدها . وقد تشكلت بأمر ملكي بريطاني بتاريخ ١٩٣٦/٨/٦ ، برئاسة وزير بريطاني سابق لشؤون الهند هو اللورد / روبرت بيل ، وسُميت اللجنة بإسمه . حيث إقترحت اللجنة تقسيم فلسطين الى دولتين ، دولة يهودية ، وأُخرى فلسطينية ، وإبقاء منطقة خاصة للإنتداب البريطاني .
كان الشيخ / حسين باشا الطراونة أول زعيم للحركة الوطنية الأردنية ، حيث شكل هو ورفاقة من رجالات الأردن الأوائل حزب المؤتمر الوطني الأول عام ١٩٢٨ ، وتم إختياره زعيماً له . وأقتبِس هنا قولاً للمفكر المناضل التقدمي الأردني المرحوم الأستاذ / ناهض حتر ، نَشَره صديقي الإعلامي المتميز الخلوق الأستاذ / محمد الخوالدة ، حيث قال :— [[ إن الشيخ / حسين باشا الطراونة شخصية وطنية بارزة ، شكّلت علامة فارقة ، يُمكن الإقتداء بهدي سيرتها لمن يأخذون على عاتقهم حالياً مسؤولية النضال من أجل الإنتصار لقضايا وطنهم كمكوّن عضوي واحد بعيداً عن الفئوية والمناطقية وتضارب المصالح . وأضاف : ينبغي ان نتعلم في وقتنا الحاضر من سيرة الشيخ / حسين باشا الطراونة ورفاقه ، لأن تكون حراكاتنا السياسية مرتبطة فعلياً بقواعدها الشعبية ومفوضة منها . وركز حتر على كيفية تأسيس حزب المؤتمر الوطني الأول ، وقال انه ولِد كحركة تمثل طموح أبناء الأردن بكافة شرائحهم ، مشيراً الى ان هذا المؤتمر جمع (( ١٥٠ )) شخصية من كافة مناطق الأردن لم يسعوا الى الزعامة بل جاؤوا كفرز حقيقي من قواعدهم الشعبية ، فكانوا عند حُسن ظن هذه القواعد وبحجم الثقة التي أولتها لهم في مهمتهم الإستثنائية ، واعتبرها دليلاً حيّاً على قُدرة الأردنيين على إجتياز المفاصل الصعبة في إتجاه موحد وخلف زعيم واحد ، مشيراً الى ان حالة الإجماع الوطني التي جسدها الشيخ / حسين باشا الطراونة ورجالات الأردن الأوائل هي ما أسس للدولة الأردنية التي ما تزال ماثلة بمقوماتها التاريخية وبقدرتها على الصمود والتطور . حيث ان أهم مكونات الميثاق الوطني الأول الذي عُقد في عام ١٩٢٨ ، نصّ على ان يكون الأردن وطناً مستقلاً بحكم دستوري نيابي ، ورافضاً لوعد بلفور ، لأسباب ربطها الشيخ / حسين باشا الطراونة هو ورفاقه من رجالات المؤتمر الوطني الأردني الأول بأبعاد قومية تتصل بالعلاقة الوطيدة بالشعب الفلسطيني ورفضاً للوجود اليهودي في المنطقة . ولفت حتر الى الفكر الإقتصادي عند الشيخ / حسين باشا الطراونة ، حيث كان رافضاً للتبعية الإقتصادية وتَقبُّل المعونات الخارجية بإعتبارها تنتقِص من السيادة الوطنية . وذكر حتر ان الشيخ / حسين باشا الطراونة ذكر في تصريحات صحفية في عهده جاء فيها ان موارد الأردن كافية لإقامة إدارة دستورية صالحة فيه ، معتبراً ان الأموال التي كان يتلقاها الأردن من دولة الإنتداب البريطانية كانت تحقق غايات تخدم دولة الإنتداب ولا مصلحة لشرق الأردن فيها . كما أشار حتر الى الفكر القومي عند الشيخ / حسين باشا الطراونة ، وأكد بانه كان نصيراً للقضية الفلسطينية ، حيث زار فلسطين ، وإستُقبل هناك إستقبالاً حافلاً ، ويبدو ان هذا الإستقبال أثار غضب البعض الذين لم يَرُق لهم نهج حزب المؤتمر الوطني الأول ، فعملوا على إجهاضه ، من خلال دعم ظهور تيارات ومؤتمرات وطنية أخرى ، حتى عام ١٩٣٥ حيث تحوّل المشهد من حركة وطنية واحدة الى مجموعة تيارات وأحزاب . وأشار حتر ان هذه الحالة لا زالت قائمة لغاية الآن ، حيث كلما يخرج تنظيم وطني يتم الإلتفاف عليه بتشكيل تنظيمات بديلة لإجهاضه . وختم حتر : بأن الشيخ / حسين باشا الطراونة لم يكن إبن عشيرته ، او منطقته ، او إبن وطنه فقط ، بل كان إبن أمته ، ومتضامناً مع نضالات الفلسطينيين الى حَدِّ الشهادة ]] ، إنتهى الإقتباس . (( يتبع الجزء الثالث لطفاً )) .
ملاحظة : — ورد في المقال الأول خطأ في عُمر الشيخ / حسين باشا الطراونة حيث ذُكِر أنه عاش (76 ) عاماً والصحيح أنه عاش ( ٨٢ ) عاماً .