ناطق نيوز-بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
المتتبع للشخصية الاردنية منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي ، يجد ان احتجاجات ومظاهرات ومسيرات الاردنيين كانت اغلبها لدوافع قومية ، تفاعلاً مع قضايا قومية .. وان الاحتجاجات منذ أواخر الثمانينات الى نهاية التسعينات كانت محدودة لكنها شديدة في حِدتها ، وكانت اغلبها لمتطلبات وطنية ، وبعضها لمتطلبات قومية ، وعدد محدود منها لقضايا مطلبية كارتفاع أسعار السلع الرئيسية وخاصة الخبز ، بينما الان أصبحت الغالبية الساحقة من الاحتجاجات لقضايا مطلبية حياتية مثل : الغلاء ، وارتفاع الأسعار ، والزيادات المتكررة للضرائب والرسوم وغيرها .
بذلك نستنتج ان المواطن الأردني ليس متبرماً ، ولا متذمراً ، ولا شكاءاً ، ولا يجأر بالشكوى بدون أسباب ودوافع . وانه ليس كما يُشاع عنه انه ( لا يُعجبه العجب ، ولا الصيام في رجب ) .
عندما تفكر في الموضوع بحيادية تامه ، وبعقلانية ، يمكنك ان تعزو تلك الاحتجاجات ، والمظاهرات ، والمسيرات ، والحراكات ، الى ان الشخصية الاردنية : عقلانية ، واقعيه ، لديها شعور قومي جارف ، تتفاعل مع القضايا العربية بقوة ، وحزم ، وكأن الفكر القومي عقيدة ، وانتماء للجميع ، او انهم يَنْظُرون الى ان المشاعر القومية أمراً جينياً ، وفيما لو تصادف حدث قومي يستوجب التفاعل ، لو تصادف مع احتجاجات وطنية او مطلبية ، تجد الجميع يلتفون حول القضية القومية ، على اعتبار ان لها الأولوية ، وكأنهم يؤجلون المطالب الوطنية او المطلبية ، وتجد مشاعر الجميع إنقلبت لمؤازرة المطلب القومي ، وهناك دليل قاطع على ذلك حدث عندما اعلن الرئيس الامريكي اعتبار القدس الموحدة عاصمة العدو الأبدية ، وعندما اطلق جلالة الملك أللآءات الثلاثة ، كانت الحراكات المطلبية تعم اغلب محافظات المملكة ، فتوحدت الصفوف واتجهت لمناصرة القضية الفلسطينية ، ولو كانت حكوماتنا لديها القدرات على التفكير والتخطيط على مستوى دولة ، وكان لديها سياسيون مخضرمون ، محترمون ، لديهم الخبرة السياسية ، والقدرة الفعلية على توجيه الشارع ، بأسلوب عقلاني ، منتمٍ ، صادق ، محترم دون خداع ، لعملوا على تعديل السياسات المحلية الردئية ، وغير الحكيمة ، وذلك بعدم فرض المزيد من الضرائب ، والتي نبه الى خطورتها ، وعدم جدواها ، كل المفكرين والكتاب الاقتصاديين ، ورجال الاعمال ، وإتباع تسويات مستعجلة بدون محاكمات للفاسدين الذين سرقوا الوطن ، إقتداءاً بنهج مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا ،وجذّروا ، وأسسوا لوحدة صفٍ فريدة ، يمكن البناء عليها ، وتحققت نتائج إيجابية غير مسبوقة منها : توحيد الجبهة الداخلية لمواجهة الأخطار الخارجية المتعددة غير المسبوقة في خطورتها ، ولرفدت الخزينة بالأموال المحصلة من الفاسدين ، وارتفع التحصيل الضريبي ، وانتعش الاقتصاد الوطني ، وإستُقطب الاستثمار الأجنبي .
الأردني ليس إنسان شكاء ، متبرم ، الأردني وطني ، قومي ، عقلاني ، جبار ، صبور ، جدّي ، وحدّي ، مكافح ، متسامح اذا أحسنتَ وارتقيتَ بأسلوبك معه لتحاكي وتُقَدِّر وتحترم كرامته وإبائه .
واذا جأر الاردنيون وشكو وتبرموا فانهم لا يلاموا ، بسبب الأوضاع السيئة والصعبة التي يمر بها الوطن ويعانون هم من تدهور الأوضاع ، وضياع مقدرات الوطن ، وانتشار الفساد ، وارتفاع لا بل انفلات الأسعار ، وازدياد الضرائب وما نتج عنها من غلاء ، وضعف للقوة الشرائية ، وهروب المستثمرين ، وازدياد الفقر ، وارتفاع نسبة البطالة ، والمشكلة ان كل هذا نتج نتيجة رفع الضريبة لتغطية عجز الموازنة ، لكنه لسوء تقدير الفريق الاقتصادي الحكومي لم تحل مشكلة عجز الموازنة بل زاد العجز بشكل غير مسبوق ، فلم يعد الاردنيون يأمنون على وطنهم ولا على أنفسهم . هل يدعو هذا الوضع المتدهور الى الفرح ، أم الى الشكوى !؟ ومن الشكوى لا جدوى ، لان البلوى حلّت واستفحلت نتيجة عجز الفريق الاقتصادي عن وضع آليات ناجعة وعملية لتخفيض العجز . كيف لنا ان نتوقع الفرج من حكومة ديدنها العجز في ادارة الدولة الاردنية .