الوزير الأسبق نادر الظهيرات: نقدر عاليا توجيهات جلالة الملك لتحديد موعد إجراء الانتخابات النيابية الميثاق الوطني يرحب بتوجيهات جلالة الملك لتحديد موعد لإجراء الانتخابات النيابية الميثاق الوطني يعقد اجتماعه ال 55 يدين فشل المجتمع الدولي في منح الفلسطينيين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة الدكتور جعفر المعايطة يكتب...رسالة إلى وطني المفدى  الشيخ فيصل الحمود: زيارة حضرة صاحب السمو الأمير التاريخية للاردن تعزز العلاقات الثنائية النموذجية بين البلدين الملك ينعم بميدالية اليوبيل الفضي على شخصيات ومؤسسات في محافظة مادبا..أسماء رئيس مجلس النواب الصفدي مستذكر الراحل حابس المجالي: بصمات المشير المجالي وجيشنا العربي في حروب فلسطين ستبقى مجالا لفخرنا واعتزازنا..صور في الذكرى السنوية الأولى لوفاته: مضر بدران.. رجل دولة بمسيرة سياسية وأمنية حافلة أمير الكويت يبدأ زيارة دولة للأردن.. فماذا تعني زيارة “دولة”؟ جلالة الملك سيزور المستقلة للانتخاب لتوجيهها لتحديد موعد لإجراء الانتخابات النيابية. هذا موعد الانتخابات .. فما مصير الحكومة والبرلمان ؟  الميثاق الوطني يقيم ندوة حوارية سياسية   حول المرحلة المستقبلية للاحزاب  الرئيس الصفدي يرعى احتفال جامعة عجلون الوطنية بمناسبة اليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك سلطاته الدستورية الدكتور جعفر المعايطة يكتب...خيار التعايش والسلام  الدكتور جعفر المعايطة يكتب...لمن أراد الحقيقة 

القسم : حوارات وتحليلات
الأستاذ الدكتور شحادة العمري يكتب..شجاعة لغة الضاد
الأستاذ الدكتور شحادة العمري يكتب..شجاعة لغة الضاد
الأستاذ الدكتور شحادة العمري
نشر بتاريخ : Mon, 30 Dec 2019 08:28:07 GMT
 
ناطق نيوز-بقلم الأستاذ الدكتور شحادة حميدي العَمْري
أستاذ التفسير بجامعة اليرموك
مستشار معالي وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية
 
ورقة بحثية مقدمة إلى:
معهد الملك عبد الله الثاني لتأهيل الأئمة
عمان ـ المملكة الأردنية الهاشمية
الاثنين
12 من ربيع الآخر 1441ه/ 9 من كانون أول 2019م
 
 
 
1441ه/2019م
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
شجاعة لغة الضاد
                                      بقلم: أ.د / شحادة العَمْري
   أستاذ التفسير بجامعة اليرموك
ومستشار معالي وزير الأوقاف
 
    الحمد لله الذي أنزل القرآن الكريم بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ، والصلاة والسلام على أفصح من نطق بالضاد، وعلى آله وصحبه أجمعين الذين كانوا فرسان البيان والميدان، فأحبتهم البلاد، واستقبلهم العباد، وما نحن الا حسنة من حسناتهم.
وبعد...
فإن لغة العرب قد تألقت وتأنقت  قبيل نزول القرآن الكريم، وأضحى الناطقون بها يغارون على لغتهم كغيرتهم على عرضهم.
كان العرب في الجاهلية يفتخرون بحرف الضاد الحرف الخامس عشر من حروف الهجاء. 
يفتخرون بهذا الحرف؛ لِتَمَيُّزِ لغتهم به على كل اللغات.
وبذلك أضحت لغةُ الضادِ سيِّدَةً، وبَقِيَّةُ اللغات وصيفاتٍ لهذه اللغة الفريدة التي تشرفت بالقرآن الكريم، وتكفل بحفظها من الذوبان والانصهار، فأضحت لغةُ الضاد شَمْساً ساطعةً في سماء اللغات، تمد محبيها بالعافية، وتحرق مبغضيها بنور فصاحتها.
وَمِمَّا لا ريب فيه أن الشجاعة صفة من الصفات الحميدة التي يفتخر بها كل العقلاء؛ فإذا كان الرَّجُلُ شجاعاً وقعت مهابته في القلوب، ونال الأوسمةَ الرفيعةَ.
لا شك أن الشجاعة كانت أسمى صفات العرب في الجاهلية، وقد أثمرت هذه الصفةُ لتصبح الشجاعةُ صفةً من صفاتِ لغتهم؛ لأنها الناطقُ الإعلاميُّ في النوادي والمنتديات، في الأسواق والطرقات.
والحق أن الشجاعة من صالح الأخلاق، وتنضوي ضمن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ)(). وهذه الرواية أصح من رواية: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ)().
إذن الشجاعة من صالح أخلاق العرب، ولغتُهم هي اللسانُ المُعَبِّرُ عن شجاعتهم؛ بما تحمله من بيان اللسان الذي يضاهي سِنَان الميدان؛ لأن السِّنَانَ يهلك النفوس، والبيان يحيي النفوس.
تحدى القرآنُ العظيمُ أهلَ البيان فَعَجَزُوا عن معارضته، وأيقنوا أن لغتَهم الشجاعةَ قد جبنت وكاعت أمام لغة القرآن الكريم، فاعترف القوم أن القرآن الكريم ليس وراءه إلا اللهُ القويُّ العزيزُ، فآمن من هداهم الله وأصبحوا من جنود الله في الأرض يجاهدون في سبيل الله؛ لإخراج الناس من الظلمات الى النور.
كانت لغةُ الضَّادِ سلاحَهم البيانيَّ بعد أن حَلَّ القرآنُ مكان الضاد، فأضحت تحمل اسم (لغة القرآن)، وصار الضاد حرفاً من حروف القرآن الكريم.
إن جوامع الكلم القرآني من شجاعة لغة الضاد، ومبتكرات القرآن في اختيار الألفاظ قد أَمَدَّ لغةَ الضاد بالحياة.
إننا نعظم القرآن العظيم، ومن تعظيمه أن نُعَظِّمَ لغةَ الضَّاد، وأن ندافع عنها، وعن حرفها. 
إنَّ لُغَةَ العرب كانت مشهورةً بلغة الضاد قبل نزول القرآن الكريم، وبعد نزول القرآن أضحى حرف الضاد يتلى آناء الليل وأطراف النهار، وهذه سورةُ الفاتحة أم القرآن  يرتلها المسلمُ في صلواته، فيها حرف الضاد ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: 7]، فقد جاء حرفُ الضَّادِ حَرْفَ بناءٍ فيمن غضب الله عليهم، وفيمن قد ضلوا عن الحق المبين.
وتلاوة القرآن إنما تكون بالتلقي، وهذا التلقي متواتر، لا ينكره إلا مكابر.
إن حسيس أصوات أعداء لغة الضاد لم ينقطع منذ نزل قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1] وسيظل العداء مستمراً ما بقيت الأرض والسماء.
إنَّ الدِّفاعَ عن لغة الضادِ واجبٌ شرعيٌّ؛ لأنَّ الدفاع عنها إنما هو دفاع عن القرآن الكريم.
إنني لا أخاف على لغة الضاد؛ لأنها تتحلى بشجاعةٍ يحسُدها عليها الأُسْدُ في الغابات. 
من البَّدَهي أن الصفات تتبع الموصوف، ولذلك إذا تقدمت الصِّفَةُ على الموصوف صارت حالاً، فلا يتصور أن تكون صفةٌ دون موصوفٍ.
فإذا قلنا: «لُغَةُ الضَّادِ تَتَّصِفُ بالشجاعة» فمعنى ذلك أن الناطق بها شجاعٌ.
ولتحقيق الشجاعة في حمايةِ لغةِ الضَّادِ فلا بُدَّ من التخلق بالأخلاق الآتية:
أولاً: تقديسُ لغة الضاد؛ لأنها لغة القرآن الكريم.
ثانياً: وجوبُ إتقانها: نطقاً وكتابة؛ لأنَّ الألفاظَ قوالبُ المعاني.
ثالثاً: وجوب العناية بها وعدم التَّقصير في تعلُّمِها وإتقانها؛ لأن في إتقانها إتقاناً لتلاوة القرآن الكريم وتجويده، وبِخَاصَّةٍ وجوب إخراج مخرج الضاد من مخرجه الصحيح.
رابعاً: وجوبُ تعلُّمِ البلاغة؛ لأنها روحُها، والْجَسَدُ بلا روحٍ مَيِّتٌ يدفنه أهلُه.
خامساً: الإكثارُ من إنعام النظر في المصحف، الشريف والحديث الشريف، وكلام الأدباء؛ لتتربع لغةُ الضادِ في سويداء القلب، معدن المعاني.
سادساً: وجوبُ الْغَيْرَةِ على لغة الضاد، كغيرتك على أرضك وعرضك ومالك؛ لأنَّ فَاقِدَ اللغةِ كفاقد لسانه اللحمي.
سابعاً: الابتعادُ عن اللَّحْنِ؛ حتى تَسْلَمَ من الكذب على لغة الضاد لغة القرآن؛ فقد كان بعض السلف إذا لَحَنَ يستغفر الله تعالى، فقيل له : لم تستغفر؟ قال: استغفر لأني كذبت على لغة القرآن الكريم.
ثامناً: وجوبُ النظر في معجمات لغة الضاد؛ بحثاً عن الثَّراء اللغويِّ، وهو أعظم من الثراء المادي.
ومن شواهد شجاعة لغة الضاد:
• التقديم لِمَا حَقُّهُ التأخيرُ، وهو ما اعتمده فيلسوفُ النَّحوِ الإمامُ ابنُ جني رحمه الله تعالى في كتابه الفذ الموسوم بـ(الخصائص)؛ فقد عقد فصلاً عنونه بـ(شجاعة العربية). وإذا علمنا أن الشُّجَاعَ مِقْدَامٌ فإن التقديم في لغة الضاد مَعْلَمٌ من معالم شجاعتها وقوة شكيمتها.
• النحت في لغة الضاد وجه من وجوه شجاعتها.
الجرأة باختزال جملة ليعبر عنها بكلمة شجاعة منقطعة النظير
البسملة : كلمة تعبر عن (بسم الله الرحمن الرحيم).
الحوقلة: كلمة تعبر عن (لا حول ولا قوة الا بالله).
وهكذا.
وإذا كانت لغتنا المباركة في هذه الشجاعة فحري بنا معشر العرب الذين أضيفت اللغة إلينا فنقول: «لغةُ العربِ» بالإضافة، دون الوصفية؛ لأن الصفات من الفضلات نحوياً، ومن القيود بلاغياً، فالأحسن أن نعتمد المضاف إليه دون الصفة، 
إن الأئمةَ مَدْعُوُّونَ للقيام بواجبهم بمنتهى الشجاعة والاقتدار نحو لغتهم الشجاعة التي تعانق الشجعان وتضمهم إلى حنانها؛ ليكونوا ناطقين بها بصفاءٍ ونقاءٍ، بعيداً عن الْعُجْمَةِ؛ فإنَّ شَرَفَنَا بِضَادِنَا وبقرآننا: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ [الزخرف: 44].
القرآن شرف لنا وللأمة. والسؤال عن التقصير يقينٌ؛ لأن «سوف» في وعد الله ووعيده يقينٌ.
 إن أبداننا تعيش بعافية من أشعة شمس السماء، فلنجعل ألسنتنا تعيش بعافية من نور شمس اللغات، لغة القرآن العظيم وسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. 
  إنّ الذين يفقهون لغة الضاد هم الذين يفقهون نون الجمع بين المسلمين في قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) فإن نون المضارعة تجمع المسلمين في أصقاع المعمورة ليطلب الجميع الهداية والثبات عليها في (اهدنا الصراط المستقيم).
  إن نون (نعبد) ونون(نستعين) ونون (اهدنا) تأخذ بحجز بعضها لا تنفك أبداً مهما كثرت الفتن وتعددت المحن فهي رسالة للمسلمين عامة وللأئمة والوعاظ خاصة.
  ومن عرف الصراط المستقيم في الدنيا ،عرفه الصراط المستقيم في الآخرة واجتازه بأمن وأمان ليدخل جنة الرحمن بسلام.
   ولا بُدَّ من رفعِ آياتِ الشكر والثناء إلى مقامِ صاحبِ السُّمُوِّ الْمَلَكِيِّ الأميرِ الحسين بن  عبد الله الثاني،  ولي العهد حفظه الله تعالى الذي طرح مبادرة (ضاد)؛ محبة بلغة الضاد، لغة معدن العرب من آل هاشم الأبرار.
حفظ الله سليل الدوحة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وحفظ اللهُ الشعبَ الأردنيَّ العربيَّ الأَبِيَّ، وجميعَ الناطقين بلغة الضاد في كلِّ مكانٍ وشِعْبٍ وواد.
 
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
6

جميع الحقوق محفوظة لموقع ناطق نيوز 2017-2019

لا مانع من الاقتباس او النقل شريطة ذكر المصدر