الدكتور المحامي: امجد مفلح الرحيمي- أثر الفيروس كورونا (COVID-19) على العقود –اعتبارات عملية.
حذرت منظمة الصحة العالمية من أن الفيروس كورونا (COVID-19) قد يصل إلى معظم البلدان ، إن لم يكن جميعها، وهذا بدوره قد يؤدي إلى تأثير كبير على العقود بشكل عام خاصة تلك المبرمة بين الشركات الكبرى في المناطق المتضررة, وعملائها, ومورديها, وشركائها، مما أثار هذا تساؤلات حول قدرة تلك الأطراف من الاستناد على شروط القوة القاهرة في العقود المبرمة؛ لتجنب المسؤولية القانونية في تلك الظروف، حيث أصبحت هذه الالتزامات مستحيلة التفيذ؛ لسبب لم يكن بإمكان الأطراف توقعه, أو دفعه، وبمجرد التأكد من وجود شروط "القوة القاهرة" ، يمكن القول: ما إذا كان تفشي الفيروس كورونا قوة قاهرة.
في 30 يناير 2020 ، بدأت الحكومة الصينية في جعل فايروس الكورونا (COVID-19) من قبيل القوة القاهرة للشركات غير القادرة على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية في محاولة لحمايتها من خرق متطلبات العقد، وفي الأردن قد آن الأوان لمعرفة ما إذا كانت الحكومة الأردنية ستتبنى هذا النهج أم لا، هذا ما سوف ندركه عند طرق أبواب المحاكم في القريب العاجل.
أما من الناحية القانونية فإنه وفقا لما جاء نص المادة 261 من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة1976 على أنه: " إذا أثبت الشــــخص أن الضـــرر قد نشــــأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كآفة سماوية, أو حادث فجائي, أو قوة قاهرة, أو فعل الغير, أو فعل المتضرر, كان غير ملزم بالضــــــمان ما لم يقض القانون أو الإتفاق بغير ذلك"، كما تقضي المادة المادة 247 من ذات القانون بأنه إذا طرأت قوة قاهرة في العقود الملزمة للجانبين تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا انقضى معه الالتزام المقابل له, وانفسخ العقد من تلقاء نفسه فإذا كانت الاستحالة جزئية انقضى ما يقابل الجزء المستحيل, ومثل الاستحالة الجزئية الاستحالة الوقتية في العقود المستمرة, وفي كليهما يجوز للدائن فسخ العقد بشرط علم المدين، وبذلك يعتبر القوة القاهرة من وسائل دفع المسؤولية المدنية بشقيها العقدية والتقصيرية؛ فهي تؤدي إلى جعل الالتزام مستحيل التنفيذ؛ ما يؤدي إلى انقضاء التزام المدين, ومن ثم ينقضي الالتزام المقابل له, ويترتب على ذلك انفساخ العقد بقوة القانون.
وبالتوافق بين النصوص سالفة الذكر نجد أن شروط القوة القاهرة متحققة، لذا فإنه للمدين المتضرر من الأزمة التي تمر بها المملكة تخفيف وطأة الالتزامات المترتبة عليه، كإنقاص عقد الإيجار الشهري خلال مدة الظرف الذي تتعرض اليه المملكة، أو إنقاص مبلغ الفائدة البنكية في القروض، وتصلح أن تكون طلبا للمدعي بدعوى مستقلة، أو دفعا كمدعي عليه في دعوى مستقبلية قد تقام ضده في حال عدم تمكن المدين من تنفيذ التزاماته بشرط مراعاة مبدأ حسن النية.
إلا أنه من ضمن الحلول العملية والمعقولة، نظرًا للطبيعة العالمية لهذه الأزمة، سيكون من المفيد محاولة التوصل إلى حل وسط ، مثل تعليق الالتزامات أو خفض مستوى تلك الالتزامات حتى الوقت الذي يمكن فيه استئنافها بالكامل، ثم التوصل إلى قرارات قياسية, ومراجعة جميع الإجراءات المخففة، كل ذلك بالتراضي بين الطرفين، ولا ننسى أن فكرة الظروف الطارئة في القانون جاءت من أجل تحقيق العدالة من خلال التوازن بين طرفي العقد.