توجه لإستبدال المنتجات الاسرائيلية بالمنتجات الأردنية في أسواق جنوب أفريقيا الدكتور عبدالحكيم القرالة يكتب...أفعال،،بالمواقف والأرقام وزيرة النقل تلتقي وفد البنك الدولي لبحث نتائج الدعم الفني. الشؤون الفلسطينية تقدم عشرة الآلف دينار للهيئة الخيرية الهاشمية تبرعا لغزة العرموطي يوجه سؤالا نيابيا حول عمل وترويج بعض المصانع لبيع الخمور..وثيقة أمين عام الميثاق الوطني المومني: التظاهرات  والتعبير عن الرأي مسموح فيه، وهو متسق تماما مع الموقف الرسمي ومتسق مع مصالح الأردن. جلالة الملك يزور البادية الوسطى ترافقه جلالة الملكة وولي العهد عاجل...الميثاق الوطني يقرر رسميا المشاركة في الإنتخابات النيابية القادمة الدكتور بشار عوض الطراونة،، مبارك الترقية نفاع يدعو المراة الى استثمار فرصة المشاركة والتغيير مركزي الميثاق الوطني يعقد اجتماعه السنوي الاول ويصادق على التقرير السنوي للحزب..صور الاردنيون في جامعة طنطا يشاركون بفعاليات يوم الشعوب  الميثاق الوطني يرحب بقرار مجلس الأمن المتعلق بإيقاف الحرب على غزة اتحاد الإعلام الرياضي يواصل تحضيراته للحفل السنوي كتلة الإصلاح تنسحب من جلسة العفو العام

القسم : حوارات وتحليلات
النقابة .. هل تختلف .. عن العشيرة !؟
النقابة .. هل تختلف .. عن العشيرة !؟
نشر بتاريخ : Tue, 11 Aug 2020 06:30:20 GMT

ناطق نيوز -بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه 

وددت ان أطرح موضوعاً ، ربما يكون غريباً ، وربما لن يستصيغه بعض الناس ، وربما يعتبرني البعض مُتعصباً للعشيرة . وددت ان أعقِد مقارنة عقلانية منطقية محايدة ، بين النقابة والعشيرة كمكونين مجتمعيين ، كل واحد منهما له ما له ، وعليه ما عليه ، وله مؤيدون ومعارضون وربما رافضون .  

المكون  العائلي او العشائري او القبلي ، هو السائد منذ بدء الخليقة ، حيث يتجمع الناس او الافراد في تكتلات او مجموعات ، تجمعهم رابطة الدم ، لحماية بعضهم والدفاع عن مكتسباتهم ومصالحهم ، وضمان عدم التغول عليهم ، ولمواجهة التهديدات الخارجية التي تستهدف مصالحهم ، او حِماهُم ، او ربما حياتهم .

بعد الثورة الصناعية ، ظهرت  المصانع ، التي أُنشِأت في المدن ، مما  اضطر الباحثين عن عمل وكسب الرزق للهجرة الى المدينة ، فوجد الانسان الذي هاجر من قريته الى المدينة ، وجَدَ نَفْسَهُ ، وحيداً ، بعيداً عن الأهل ، والاقارب ، والاصدقاء ، والجيران ، هجر بيته ، وبيئته المؤنسة ، الآمنة ، المعروفه ، التي اعتاد عليها وعلى ناسها وحتى أشيائها ، الى وِحدة تبدو موحشة ، فلا عون ، ولا سند ، ولا مُغيث لو تطلب الأمر .  من هنا بدأت فكرة التقارب والتنسيق مع زملاء العمل ، وزملاء المهنة لتعويض ما فُقد ، وايجاد البدائل لما استجد ، وليحتمي كل واحدٍ  بمن حوله ، من هنا بدأ ظهور النقابات المهنية والاتحادات العمالية ، لغاية مساندة بعضهم بعضاً ، وللدفاع عن حقوقهم العمالية المكتسبة ، عِوضاً ابو بديلاً عن التكاتف او الحماية العائلية او المناطقية . 

 تعتبر النقابة في بعض الامور اكثر تطورا وحداثة كعملية الانتخاب ، ولا رئاسة مدى الحياه ، ولا توريث ، وخدماتها متنوعة وعديدة ، لانها حديثة ، وتجربة مكتسبة من الغرب ، مع انني علمت ان بعض العشائر الأردنية لديها آلية الانتخاب لا بل وانتخبت نساءاً لقيادة العشيرة . 

الإضطرار للهجرة الى المدينة ، ادى الى ضعف الروابط العائلية  نتيجة بُعد المسافات وصعوبة التواصل ، والمواصلات ، خاصة في ذلك الزمان ، حيث كانت وسائل ووسائط النقل شحيحة ، او نادرة ، ان لم تكن غير موجودة أصلاً . فاصبح الفرد غريباً ، ضعيفاً في بيئته الجديدة ، ومطلوب منه ان يواجه مخاطره منفرداً دون وجود عون ، او سند ، او مؤاز ، فظهرت التجمعات المهنية كتنظيم بديل عن العائلة ، او العشيرة ، وهذا أبعد الوحشة ، والضعف الذي استجد نتجة الاضطرار للتواجد في المدينة ، فبدات المكونات المهنية والتي سُميت لاحقاً بالنقابات والاتحادات العُمالية ، حيث اصبحت تكتلاً رابطهم فيه المهنة ، التي حلت بدل روابط الدم عند العائلة او العشيرة او القبيلة . وللتوضيح : العائلة تتكون من مجموعة افراد ، والعشيرة تتكون من مجموعة عائلات ، والقبيلة تتكون من مجموعة عشائر ، وهذا يتسق ويتشابه مع  التجمعات النقابية حيث انها تكتل لمجموعات من المهن ، ( ارجو مراعاة انني اضطررت لتفصيل القبيلة ليس افتراضاً لعدم معرفة القاريء لا سمح الله ، ولكن لمقارنتها مع بنيوية النقابات  ) ، فمثلاً نقابة المهندسين ونقابة الاطباء  تتكون من عدة فروع ، فرع لكل تخصص ،  وهذه الفروع تكوِّن النقابة ، والنقابة ترتبط بالنقابات الاخرى لتشكل مجموعة النقابات ، التي تتحد ليزداد ثقلها وتأثيرها المجتمعي ، مما يرتقي بفاعلية دورها السياسي والخدمي . 

هناك اوجه اختلاف وتشابه بين النقابة والعشيرة . الاختلاف بينهما يكمن في حضاريتهما ، فالنقابات مكون حضاري إستجد نتيجة تطور المجتمعات ، بينما العشيرة مكون  قديم تقليدي ، غير ديناميكي . 
وهناك تشابه بينهما في المشاعر او العصبية حيث اصبح الانسان يتعصب لمهنته مثلما يتعصب لقبيلته ، فحلّت روابط المهنة ، محل روابط الدم ، مع ملاحظة ان التعصب للمهنة أقل تشدداً وتعنصراً . كما ان الحماية التي تقدمها العشيرة اقوى وأدوم ولا تنفصم ولا تنفك عُراها وربما تبلغ اقصى مداها ، بينما النقابة لو تخلف أحد الاعضاء  عن دفع اقساط الانتساب اليها فانه يُصبح خارج اهتماماتها ومسؤولياتها ، لأن الاهتمام مرتبط بديمومة العضوية في النقابة . 

نعم ، هناك اوجه تشابه واختلاف بين التعصب للقبيلة والمهنة ، وكل منهما له ما له ، وعليه ما عليه ،  في النقابة هناك تساوٍ في المستوى التعليمي ، لكن هناك اختلاف في المستوى الثقافي بين اعضاء النقابة ، بينما في العشيرة هناك اختلاف كبير بين افراد القبيلة في المستويين التعليمي والثقافي . كما ان افراد المهنة في النقابة يدافعون عن حقوقهم ومكتسباتهم ، وافراد القبيلة يدافعون عن افرادها وعن حِماها ، الذي إستُبدِل بمفهوم الوطن والمواطنة . كما ان بينهما قاسم مشترك يتمثل في دفاع كل من النقابة والقبيلة عن حقوق ومكتسبات افرادها ، وعليه فان مُحركهما واحد وهو مُناصرة ، او الإنتصار لمنتسبيها . فلماذا نَذُم التعصب للقبيلة ونمتدح او نفاخر بالتعصب للمهنة !؟ ونعتبر من يفتخر بالقبيلة مُتخلفا ، ومن يتعصب للمهنة مُتحضراً ؟! كما ان هناك افراداً  او عائلات صغيرة لا ينتمون لقبيلة ، فان هناك افراداً مهنيين او عمالاً  ليس لهم نقابة . 

على الساحة الاردنية يعاني المكونين  المجتمعيين النقابة والعشيرة ، من التفتيت والتهميش والإستهداف . وعلى ما يبدو ان هناك تخطيطاً مبرمجاً وممنهجا لتدمير وتشويه العشائر الاردنية لخدمة الصهيونية بالتشكيك في قيمها النبيلة وتدميرها ،  لتدمير بنيتها التحتية المستندة الى قيمها العربية الاصيلة النبيلة ودورها المجتمعي المحوري كضابط ورادع اجتماعي واخلاقي . ويتبدى لي ان المخطط الإستهدافي للعشيرة قد نجح الى حدٍ كبير ، حيث تعاني العشائر الاردنية من التفتت ، والتشتت ، والتشوية وغياب الكِبار اصحاب الرأي الراجح ، حيث إستُبدلوا برعاعٍ ، تَصَدُّرَهم يسيء للعشيرة بدل ان يُضيف اليها عِزة وشموخاً وإباءاً وكرماً ورجاحة عقل وكاريزما الشيوخ ، فاصبح كل افراد العشيرة شيوخ ، مثلما يقول المثل ( كلهم روس بصل ما فيهم ولا قِناره )) . وها قد اتى الدور على النقابات لتفيتها وتهميشها وشيطنتها وإضعافها تمهيداً لإلغائها وحظرها ، كما حصل للعشيرة منذ عقودٍ من الزمن . 

استناداً الى التقييم الخاطيء تم اعتبار  النقابات مكوناً حضارياً  ، بينما العشائر تعتبر مكوناً  اجتماعياً  متخلفاً ، مع ان ما يجمعهما اكثر مما يختلفان فيه ، والمثل يقول ( كل فرنجي برينجي ) ، اي كل جديد مصدره الغرب راقٍ ومتميز ، وكل أصيل متجذر  ، لا يُحبذ ، ولا يُحترم ، يُعاب ولا يُهاب . على كُلٍ ،  أرى  انهما مكونين إجتماعيين ، ضرورة وجودهما يُثبت ان الإنسان مدني بطبعه ، لا يمكنه العيش مُنعزلاً ، بعيداً عن بني جِنسه مهما واجه ، وصادف ، وعانى ، وتحمل ، فبني البشر يحتاجون الى ان يشدوا أزر بعضهم بعضاً . وأختم ببيتٍ من الشِعر ، يقول :-
إنّ الضَغائِنَ اذا ثَارَتْ بمملكةٍ / أودتْ بها وتداعى رُكنُ بُنيانِ .

جميع الحقوق محفوظة لموقع ناطق نيوز 2017-2019

لا مانع من الاقتباس او النقل شريطة ذكر المصدر