المَعاصِر تَحتَارْ .. في .. الجِفْتْ والزِيبَارْ
ناطق نيوز-بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
ثروات بلدي كثيرة ، ووفيرة ، ومتنوعة ، ومتعددة ، لكن المُحزن حَدّ البُكاء انها كُلها مُهمَلة ، وغير مُستغله ، ويتم تجاهل ، وإجهاض ، وقتل المبادرات الوطنية لإستغلالها ، التي فيها مصلحة البلاد والعباد . وما يحزنني ان هناك مُخلفات لبعض الصناعات ، مُؤذية ، وضارة ، وتشكل في الوضع الراهن عبئاً ، وتحدياً ، وتلوثاً كبيراً وربما خطيراً على البيئة ، بينما يمكن الاستفادة منها بتحويلها الى مادة خام لمنتجات اخرى ، وبذلك يتم تحويلها من عبء على اصحاب معاصر الزيتون الى مصدر للدخل .
في عِزِّ موسم قِطاف ، وعصر الزيتون ، وددت ان اتحدث عن مُخرجات عصر الزيتون التي ينتج عنها نوعين من المخلفات يشكلان مشكلة وعبئاً على أصحاب معاصر الزيتون ، وهما مادتي (( الجفت ، والزيبار )) ، حيث يصعب على أصحاب معاصر الزيتون التخلص منهما .
تذكرت ، وأكد صِحة ما تحتوي ذاكرتي ومعلوماتي المتواضعة صديق العمر وزميل الدراسة المهندس الزراعي المبدع / معن ارشيدات . حيث أكد لي معلومتي عن ان وزير الزراعة الأسبق المهندس الزراعي / محمد ابراهيم العلاونه ، الذي كان وزيراً للزراعة عام ١٩٩١ ، والذي له اكثر من فكرة زراعية اقتصادية ، عَمِل على مشروعين ، الأول :- الإستفادة من مادتي الجفت والزيبار بتحويلهما الى مُنتج غدائي صحي وطبيعي ولهما فوائد غذائية عديدة . وبعد ان غادر الوزير موقعه ، ماتت هذه الفكرة الانتاجية العظيمة ، التي تحول الجفت والزيبار من مادتين ملوِثتين للبيئة ، ويحتار اصحاب معاصر الزيتون في كيفية التخلص منهما ، تحولها الى مادة خام يمكن بيعها ولو بسعر رمزي بسيط لتصبح مادة خام لانتاج منتج غذائي صحي ومفيد ، وبهذا تتحول مخلفات عصر الزيتون الجفت والزيبار من نقمة الى نعمة . والمشروع الثاني :- أتذكر انه إختار شجرة رعوية تصلح علفاً للمواشي ، وارفة الاوراق ، لزراعتها كمراعي للمواشي ، وقد بدأ بتنفيذ الفكرة على الأرض ، حيث حدد منطقة واسعة من الاراضي الأميرية في كل محافظة ، وتمت زراعتها بتلك الشجرة التي لا اعرف اسمها مع الأسف ، وقيل وقتها انه يتطلب تسييجها لحمايتها من الرعي لسنة او لسنتين ، بعدها تزداد اوراقها كثافة كلما تم رعيُها من المواشي . واتذكر ان المنطقة التي تمت زراعتها في الكرك تقع بالقرب من المدينة الصناعية القائمة حالياً .
غادر العلاونه موقعه الوزاري ، وماتت الفكرة الاولى والفكرة الثانية بمغادرته ، ولم يتطرق لهما احداً بالمطلق ، على مدى علمي . وهذا يُظهر مدى اهمية مقالي الذي كان بعنوان (( استراتيجيات .. عابرة .. للحكومات )) ، الذي نشرته على موقع / صراحة نيوز ، بتاريخ ٢٠٢٠/١٠/٢٩ . حيث يفترض ان استمرت وزارة الزراعة في تبني وتطبيق المشروعين حتى بعد مغادرة الوزير صاحب الفكرة .
أما بخصوص الجفت تحديداً ، فان تحويلة الى منتج مُفيد يحتاج الى مكبس فقط ، ليتم كبسة تحت ضغطٍ عالٍ ، ليتم استخدامة كوقود للمدافيء بكافة انواعها للتدفئة في فصل الشتاء . ويكون سعره رخيصاً جداً ، مما يخفض من كلف التدفئة على الناس . وقد استخدمت منتجاً تركياً على شكل قوالب ، من قشور البندق المضغوطة واليكم مزاياه مع ملاحظة ان منتج الجفت سيكون افضل من منتج البندق كثيراً : صديق للبيئة ، درجة حرارته عند الاحتراق اعلى من الحطب ، نسبة دخان قليلة جداً ، سهل وسريع الاشتعال ، نسبة رماد قليلة جداً مقارنة بالحطب ( ٥٪ بدلاً من ٢٥٪ للحطب ) ، يُستخدم الرماد كسماد للنباتات ويفتت التربة ، يُستخدم لجميع انواع المواقد ، يعطي رائحة زكية ، لا يحتوي على الحشرات كما الحطب ، سعة تخزينية أقل واكثر ترتيباً ، لا ينتج عنه شراراً متطايراً قد يؤذي الناس او الأثاث . منتج البندق تم انتاجه تحت درجة حرارة ( ٤٥٠ ) مئوي وبضغط عالي جداً . وحتى لا يُفهم انني أُروج لمنتج البندق ، أوضح بانني ذكرت مزاياه ، وانا واثق بان منتج جفت الزيتون سيكون له مزايا كثيرة افضل ، فمثلاً اشتعاله سيكون اسهل لوجود بقايا الزيت فيه ، ثم ان بقايا الزيت ستكسبه رائحة أجمل . ويمكن احلال الجفت المضغوط محله ، شريطة ان يتم ضغطه اكثر من الجفت الموجود في السوق حالياً ، كما ان استخدامة سيقلل من حرق الغابات المفتعل لغايات الإحتطاب الجائر .
لماذا يحصل هذا في وطني الحبيب !؟ لماذا هذا القتل والإهمال لأفكارٍ عظيمة ، مُنتِجة ، تحوِّل العبء ، الى منتجٍ مغذٍ ومفيد ، وتحول صحارينا المهملة ، الى مراعٍ وفيرة الغذاء للثروة الحيوانية ، فتخفف كُلف الاعلاف الباهظة التي ادت الى تراجع اعداد مربي الثروة الحيوانية ، وبالتالي تراجعت اعداد الثروة الحيوانية . دولة تُدار من غرباء ليسوا أغيار على الوطن ، لذلك وصلنا الى هذه الدرجة من الترهل والدمار .