غَرابة .. شِعر .. حسين الغَرايبه
ناطق نيوز-بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
اذا وددت ان أقول : انني اعشق الشِعر ، لا غرابة في ذلك ، لانه لا يوجد انسان طبيعي لا يحب الشِعر ويتذوقه ويعشقه . فكيف اذا كان الشاعر ابن بلدك ، ويحس بوجعك وألمك ، ويشاطرك افراحك واتراحك ، ويقاسمك المر والالم ، قبل الحلو والدسم !؟
كما غيري ، قرأت الكثير الكثير من الشِعر العربي في كل عصوره ، واغراضه الشعرية ، سواء كان بقراءة الزامية في المناهج ، او طوعية ، رغبة وحباً وشغفاً في الشعر . لكن ليس كثيرين مثلي قرأوا الشِعر باللغة الانجليزية ، لانه مرتبط بتخصصي في الأدب الانجليزي في البكالوريوس ، وتهيئتي لنفسي لبدء مشوار دراسة الماجستير ، لدرجة ان مكتبتي المتواضعة تحتوي على نصف الرسالة ، لكن الظروف حالت دون تحقق ذلك الحُلم ، مع كل الاسف . هذه المُقدمة ضرورية تمهيداً لما سأتحدث عنه ، وللتأكيد انني وصلت الى مرحلة المتذوق للشعر ، على الأقل ، وانني أقرِض الشعر باللغتين ، لكن قناعتي ان ذائقتي ارقى من موهبتي .
يسعدني ان اكتب عن الشاعر العربي الاردني المتميز / حسين الغرايبه . هذا الشاعر يملك ادوات ، لا يُلِم بها ، ولا يحوزها الكثيرين ممن هم في الساحة الآن . حيث ان لدية القدرة المتميزة في الكتابة بكل الاغراض الشعرية ، هذا بداية . أما عن ادواته الاخرى ، تجد الجزالة حد الفخامة في المفردة ، يضاف الى ذلك : تعدد الصور الشعرية حتى بالبيت الواحد ، حيث تجد صورة شعرية في صدر البيت كما في عجزه ، قوة الوقع والجرْس الموسيقي ، كما ان لديه حماسة متميزة ، وقدرات ابداعية متفردة في الإلقاء ، بصوت رجولي فخم ، هذا عدا عن الجزالة ، والرجولة ، والاصالة ، والانتماء لوطنه الاصغر الأردن كما وطنه العربي الكبير ، وطنيته وعروبته جياشة ، ولا بد ان نذكر إغراقه في المحلية الوطنية ، حيث لا تخلو قصيدة من قصائدة من رموز وأدوات الاصالة ، فتجد الخيل ، والسيف ، والقهوة ودِلالها ، كما المنجل والبيدر ، وغيره من ادوات الفلاحين البسطاء ، الذين يعشقون الارض ، ورائحة التراب ، وبساطة الحياة ، المغموسة بالكد والتعب ، لكنها غنية بخصال الفروسية والشجاعة والكرم والكبرياء والعطاء . عندما تسمعه ، تشعر انه يُحلِّق ويطير ، ثم يهجم ويَغير ، غيرة على وطنه وأمته . ومما يثري أشعاره ، ويُفجّر قريحته الشعرية انه متابع جيد ، ومحلل ذكي ، وراصد حصيف للاحداث المحلية والعربية والعالمية . ولذلك تجد الكثير من قصائدة اغراضها سياسية ، ووطنية وعروبية، كما يدعو في اشعاره الى الفضيلة والنزاهة والشرف والرفعة وكل الخصال الحميدة والخُلق الرفيع . لكن ابداعه الشعري يصل قمته عندما يتغنى بالوطن ، بشعره الحماسي الوطني ومواضيعه الجادة ، حيث تجد عروبته متغلغلة بابياته ، تطل عليك من بين المفردات .
أختصر ، لأترك لكم الحُكم على شاعريته ، بعد ان أسرد لكم بعض الابيات من بعض قصائدة ، وأنصح القراء الكرام ان يستمعوا الى قصائدة المسجلة بصوته وإلقائه الجهور الرجولي الحماسي المتفرد : -
إقرأ على زمن الرجال الفاتحة / وعلى المروءة والخيول الجامحة .
وإقرأ علينا سيدي تعويذة / بِتنا نخاف من الكلاب النابحة
القط يُرعِب أُسدنا بموائه / والبوم ينعق بالنوايا الفاضحة .
رحم الله زمن الخيول الضابحة / العاديات الموريات القادحة .
صِرنا نُباع ونشترى بدراهمٍ / صِرنا نُصلّي للجهات المانحة .
فتصدَّر الأوغاد لائحة الغنى / والحُر أضحى في ذيول اللائحة .
إن الرُعاة إذا أناخوا طَرفهم / فالذئب يفتكُ بالنعاج السارحة .
حوران ما عادت لتحصد قمحها / صدأت مناجلها فأضحت بادحة .
فخر القبيلة بُنِّها وحُسامها / وصهيل خيلٍ للشهادة طامحة .
من دلةِ الصحراء نفحة روحنا / وبشيحها دوماً تطيب الرائحة .
——————-
بغداد لا تسألي يوماً عن القُدسِ / كالشاةِ قد ذُبحت في ليلة العُرسِ .
فصفقة القرن قد بانت نواجذها / مَن وافق الناب لن يسلم من الضرسِ .
او تسألي عن سيوف المجد في وطنٍ / حُكامه عبدو الدولار والكرسي .
عمّان لا تسألي يوماً عن القدسِ / قد ضيعوا كل ماضيها بصفقتهم /باعوا طهارتها بالشيكل النجسي / فأشعلوا واستباحوا رأس عنترةٍ / زجوا الشهامة من حبسٍ الى حبسِ .
———————
أيُّ خزيٍ في دمانا يتنامى / من فسادٍ زاد فينا وترامى .
وإلام صمتُنا يبقى ...إلام / لِصُّنا مُستيقظٌ والكل ناما .
قمحنا المنهوبُ في بيدرِ لصٍ / فاسدٍ ، صار وزيراً او إماما .
نهبوا الأوطان .. يَمْلُون جيوباً / يكنزون المال ظُلماً وحراما .
فثرى الأردن باعوه رخيصاً / واشتروا فيه خموراً وغَراما .
ذبحونا من وريدٍ لوريدٍ / وعيون العدلِ عنّا تتعامى .
فَقرُنا قد صاح من رزءِ البلايا / لم يعد للصبر في النفسِ مُقاما .
أين وصفي .. أين هزاعٌ يغثنا / من لصوصٍ افقروا فينا الكِراما .
يا يتيم المجد ما عُدت وحيداً / كُلنا في الشرقِ قد صِرنا يتامى .