أسباب إنحسار المد القومي
ناطق نيوز- بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
طرح صديقي الدكتور / سليمان البدور ، الذي أُصنفه وبكل حيادية وعقلانية — وأنا هنا لا أمتدح ، بل أوصف فقط — بانه عالم متفرد في التاريخ ، من نواحي التأليف ، واستدعاء ادق التفاصيل، لدرجة انه يخال اليك عندما يذكر تواريخ الاحداث واسماء الحضور انه سيصف شكل ملابسهم والوانها ، يضاف الى ذلك حضور البديهة ، والقدرة المتميزة على ربط الاحداث ، واستخلاص النتائج والعِبر ، بكل عِلمية وحيادية ، طرح سؤالاً ، أحدث دوياً في كياني ، لانه ضرب على وتر شديد الحساسية لديّ لكل ما يمس العرب والعروبة . والسؤال هو : لماذا انحسر المد القومي العربي !؟
سبق لي ان كتبت حول الموضوع عدة مقالات ، لدوافع عديدة ، حيث كتبت مقالاً بعنون (( الفكر القومي .. وعروبة قومي )) بتاريخ ٢٠١٩/٦/٣٠ ، ومقال آخر بعنوان (( الفكر القومي .. وانهزام قومي )) بتاريخ ٢٠٢٠/٤/٣ ، ومقال ثالث بعنوان (( أعشق العروبة .. والتسامح العربي )) بتاريخ ٢٠٢١/١/٧ . كما كتبت مقالاً قبل حوالي العام بعنوان (( إنحسار الفكر القومي )) ، لكنني لم أُكلمه لذلك لم انشره .
هناك اسباباً عديدة لإنحسار المد القومي ، سأتطرق لها بمنتهى الصدق والصراحة ، وأذكر منها :- ١ ) اتباع النهج الدكتاتوري الفردي من قِبل من حكموا باسم القومية . وهذا لا يعني انهم تفردوا بها في المنطقة ، إطلاقاً ، بل ان الدكتاتورية كانت وما زالت نهجاً مُتبعاً في الحُكم ، بغض النظر عن نوع نظام الحكم سواء كان ملكياً او جمهورياً او خلافه . ٢ ) لم يقدموا نموذجاً ناجحاً ليتم المحافظة عليه كمكتسب للأوطان والشعوب . ٣ ) التفرد والعنف وانتهاج القبضة الحديدية في حكم الشعوب التي كانت تتطلع لتطبيق النهج الديمقراطي الذي يحقق العدالة والمساواة بين الشعوب ، والرخاء والازدهار للأوطان ، خاصة بعد التحرر من الاستعمار . ٤ ) التنافس الشخصي بين الحُكام ، مما ادى لانتهاج كل طرف اسلوب الإقصاء للآخر ، حتى درجة التآمر عليه وإسقاطه او إفشاله بالحد الأدنى ، بدل التعاون معه لترسيخ النهج القومي . ٥ ) الإستهداف الخارجي الأجنبي عامة ، والغربي خاصة ، باستخدام ادوات عربية واجنبية . ٦ ) الاطماع الأجنبية بالموقع الاستراتيجي الهام والخطير للوطن العربي . ٧ ) الثروات الهائلة والمتنوعة التي يمتلكها الوطن العربي ، مما جعله في دائرة الاطماع الاجنبية الخبيثة . ٨ ) ضخامة ، وصعوبة ، لا بل وتعقيد تحقيق الهدف باستمرار المد القومي ، حتى اصبح الهدف حِملاً ثقيلاً ، لا يتناسب والقدرات ، مما إستعصى على التحقُق ، لانها حملت مشروعاً كبيراً لا بل ضخماً غير قابلٍ للتطبيق في ذلك الزمان .
المطلب العقلاني ، الواقعي الان ، يتمثل أولاً :— في البُعد عن إشعال الخلافات القُطرية ، وعدم إذكائها ، والنأي بالنفس عنها ، وعدم تعزيزها ، وتغذيتها ، وعدم انخراط الشعوب فيها . وثانياً — الإبقاء على جذوة الفكر القومي ، للحيلولة دون إنطفائها ، إنتظاراً ، وأملاً في ان يعود المد القومي لجذوته .
والغاية تتمثل في استخلاص العبر ، ومصارحة الذات بنقدها واستجلاء الحقائق بعقلانية لإستخلاص العِبر .
كما علينا ان نفكر بعمق في التردي الذي وصلت اليه اقطار الوطن العربي كافة ، وعليه لن يكون لنا شأن ونحن متفرقون ، لان قوتنا في وحدتنا وتظافرنا وتطبيق مباديء أخوتنا .
وأختم بأبيات عن القومية العربية للشاعر / علي الجارم :-
بني العروبة ان الله يجمعنا / فلا يفرقنا في الأرض إنسانُ .
لنا بها وطنٌ حُرٌّ نلوذ به / اذا تناءت مسافات وأوطانُ .
غدا الصليبُ هلالاً في توحدنا / وجمع القوم إنجيل وقرآنُ .
ولم تبال فروقاً شتت أُمماً / عدنان غسان او غسان عدنان .
أواصر الدم والتاريخ تجمعنا / وكلنا في رحاب الشرق اوطانُ .