الدكتور عبدالحكيم القرالة يكتب...أفعال،،بالمواقف والأرقام وزيرة النقل تلتقي وفد البنك الدولي لبحث نتائج الدعم الفني. الشؤون الفلسطينية تقدم عشرة الآلف دينار للهيئة الخيرية الهاشمية تبرعا لغزة العرموطي يوجه سؤالا نيابيا حول عمل وترويج بعض المصانع لبيع الخمور..وثيقة أمين عام الميثاق الوطني المومني: التظاهرات  والتعبير عن الرأي مسموح فيه، وهو متسق تماما مع الموقف الرسمي ومتسق مع مصالح الأردن. جلالة الملك يزور البادية الوسطى ترافقه جلالة الملكة وولي العهد عاجل...الميثاق الوطني يقرر رسميا المشاركة في الإنتخابات النيابية القادمة الدكتور بشار عوض الطراونة،، مبارك الترقية نفاع يدعو المراة الى استثمار فرصة المشاركة والتغيير مركزي الميثاق الوطني يعقد اجتماعه السنوي الاول ويصادق على التقرير السنوي للحزب..صور الاردنيون في جامعة طنطا يشاركون بفعاليات يوم الشعوب  الميثاق الوطني يرحب بقرار مجلس الأمن المتعلق بإيقاف الحرب على غزة اتحاد الإعلام الرياضي يواصل تحضيراته للحفل السنوي كتلة الإصلاح تنسحب من جلسة العفو العام رئيس مجلس النواب الصفدي: الأردن لا يرتهن لقرارات أحد وسيبقى في طليعة المدافعين عن فلسطين

القسم : اخبار على النار
نَقاء .. فَضاء .. القَضاء
نَقاء .. فَضاء .. القَضاء
نشر بتاريخ : Thu, 22 Jul 2021 09:46:26 GMT
نَقاء .. فَضاء .. القَضاء 

 ناطق نيوز-بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه 

رأيي المتواضع — وانا لست حقوقياً — ان العدل وحده ليس اساس المُلك  ، بل العدل والعدالة هما أساس المُلك . نعم ، العدل والعدالة أساس المُلك . لان هناك فرقاً  بين العدل ( Justice ) ، والعدالة (  Equity ) . هدف القانون تحقيق العدل ، وليس تحقيق العدالة . فالعدل والعدالة كلاهما يقوم على المساواة بين الناس . الا ان المساواة التي تقوم عليها فكرة العدل هي مساواة مجردة ، تعتد بالوضع الغالب ، دون اكتراث بتفاوت الظروف الخاصة بالناس . أما العدالة ( الإنصاف ) فتقوم على مساواة واقعية على اساس التماثل في الاحكام المنصرفة للحالات .. ويعود التمييز بين هاتين الفكرتين الجوهريتين الى فلاسفة اليونان القدماء ، خاصة أرسطو . وكذلك يميز الفقه القانوني الحديث بين العدل ( العدل الشكلي القانوني ) ، والعدالة ( العدل الجوهري ، أي الإنصاف ) ، وترتبط فكرة العدل بالقاعدة القانونية ، بينما ترتبط فكرة العدالة بالمعايير القانونية . 

مَرَّ بخاطري القاضي العادل الباسل ، ابو باسل المرحوم الأستاذ / ابراهيم سالم الطراونه ، الذي ربطتني به علاقة طيبة وتواصل مستمر — رغم فارق السن بيننا — وذلك أثناء إعارته كقاضي تمييز الى ابوظبي ، في نهاية سبعينات القرن الماضي . 

قد يقول قائل انني لست موفقاً في وصف القاضي بالباسل ، لان القضاء لا يحتاج الى بسالة . اقول ان  القاضي حتى يكون عادلاً  يحتاج الى البسالة ، والشجاعة ، والجسارة ، والجرأة ، النزاهة ، والإباء ، والشمم ، وعِفة النفس . يجب ان تتصف شخصيته بكل ما سبق ليتجرأ على ان يقول لا ، ويرفض اية تدخلات او ضغوطات ، ويرفض الاغراءات ، والمساومات ، وان يكون كل ذلك بقناعة مبدأية ( built in ) لا تتزعزع ، ولا تهتز ، ولا تضعُف .  

كان قاضي التمييز ، المتميز ابا باسل ، اذا لم يكن لديه ارتباطات عائلية ايام الخميس ، يدعوني لأسهر معه في بيته . وفي إحدى الليالي ، ونحن نسهر ونتبادل اطراف الحديث ، قُرِعَ جرس الباب ، فإذا برجلين اردنيين ، احدهما صديق لأبي باسل ، فعرّفنا صديقه على الرجل الذي يرافقه . وبدأ موجهاً حديثه الى ابي باسل ، قائلاً : ان صديقه هذا تعرض لظلم من شريكة في شركة يملكانها ، وانه اتى به لإستشارة ابي باسل ، هل يرفع قضية على من ظلمه ؟ وهل يمكنه ان يكسب القضية ؟ قاطعه ابا باسل قائلاً : يا صديقي انا قاضي ولست محامياً ، واسئلتك هذه يفترض ان توجهها لمحامي . ثم انه لا يحق لي ان ابدي رأياً بذلك ، فلو نصحتك بان ترفع قضية وستكسبها ، فاذا كسبتها ، ستتفاخر وتقول انك كسبت القضية بسبب نصحية  صديقك  ابا باسل  ، معتقداً انك تفتخر بي ، بينما في الواقع تكون قد  شوهت ما عُرف عني من نزاهة في عملي ، واذا خسرت القضية ، ستتحدث بانني ورطتك ، وهذا يكون تشويهاً بشكل آخر . انتما  ضيفين ، تأخذان واجب الضيافة دون الحديث بما يمت باية صلة لعملي كقاضي . 

ما سردته اعلاه ، قصة من عشرات القصص . هل لاحظتم سلوك القاضي العادل النزيه ؟ هذا هو المرحوم القاضي ابراهيم سالم الطراونه . وهذا ليس بغريب على العديد من القضاة الرموز في وطننا الحبيب . الا تذكرون معي رموز القضاء الاردني ، الذي اسسوه على النزاهة والاستقامة وإحقاق العدل !؟ ألا تذكرون القضاة الرموز الأجلاء : ( مع حفظ الألقاب ) :- علي مسمار / موسى الساكت / عطا الله المجالي  … وغيرهم كُثر . 

أتذكرون معي مجزرة القضاة التي اقترفها أحد رؤساء الوزارات ، عندما أحال عدداً من رموز القضاء الأردني الى التقاعد ، في نهاية ثمانينات القرن المنصرم ، المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقامة . ولأن ذاكرة دولتنا ، تشبه ذاكرة السمكة ، فقد ولينا ذات الشخص رئاسة لجنة تطوير القضاء ، قبل بضعة اعوام ، حيث  كان يُفترض ان نسميها ( لجنة تطهير ، وليس تطوير القضاء ) . 

القُضاة بُناة مجتمع العدل . واذا ساد العدل والعدالة صحّ المجتمع وازدهر الوطن . القاضي العادل مسؤول عن تحقيق العدل  وليس العدالة . لان عوامل وادوات إحقاق العدالة ليست بيد القاضي . ببساطة العدالة تعني تطبيق العدل ، لانه لا قيمة للعدل اذا لم يتم تنفيذه ليتحول الى عدالة . العدالة هي المبتغى . ما الجدوى من اصدار قرارات عادلة اذا لم تُطبق لِتعُم العدالة !؟ اذا عمّت العدالة ، عمّ العدل ، ولا عدل بدون عدالة . 

مسيرة القاضي المرحوم / ابراهيم سالم الطراونه ، ترفع الرأس ، وتبعث على الفخر والاعتزاز لدى كل من عرفه ، وعرف أنفته ، وكبريائه ، كما نزاهته وإستقامة نهجه . في جنان الخلد يا ابا باسل ، مع الأنبياء والصديقين والشهداء ، متضرعاً الى رب العباد ، ان تكون قاضٍ في الجنة ، ولا أُزكي على الله أحداً . متمنياً ان يستمر قضاؤنا على نفس نهج وقيم رموزه الأجلاء مصدر فخر الوطن والمواطن . وأختم ببيتين  من الشِعر  :-
للهِ درُّ أُناسٍ أينما ذُكِروا / تَطيبُ سِيرَتُهُم حتى وإن غابوا .
أُولئِكَ الأخيارُ قد طاب منزِلهُم / مِيراثهُم بِرٌّ ، خُلقٌ وآدابُ .

جميع الحقوق محفوظة لموقع ناطق نيوز 2017-2019

لا مانع من الاقتباس او النقل شريطة ذكر المصدر