اختتام البطولة التنشيطية لجائزة الملك عبدالله الثاني للياقة البدنية (الدورة الثامنة عشرة )..صور الدكتور جاسم الغصاونة،، مبارك الترقية رئيس مجلس النواب الصفدي يرعى حملة وطنية للتبرع بالدم لغزة علي مصطفى عبدالخالق في ذمة الله الميثاق الوطني يعقد إجتماعه ال 54 ويؤكد الفخر بالقوات المسلحة في التصدي لأية محاولات إيرانية أو إسرائيلية لتعريض أمن الوطن للخطر الصفدي وآل الشيخ: علاقات الأردن والسعودية قوية ومواقفنا راسخة في الدفاع عن فلسطين  رئيسا بلديتي الشوبك وعين الباشا يرفضان دعوة لزيارة ايران بجهود من رئيس بلدية الشوبك وأعضاء المجلس...الاعلان عن باقة من المشاريع في لواء الشوبك الرئيس العراقي يلتقي الرئيس أحمد الصفدي في مجلس النواب...صور الميثاق الوطني  يزور عددا من مؤسسات المجتمع المحلي في محافظة البلقاء  وزير الخارجية الصفدي: حذرنا من أن نتنياهو سيحاول أن يفتعل مواجهة مع إيران ليجر ‎الولايات المتحدة والغرب إلى حرب إقليمية الميثاق الوطني يؤكد دعمه للموقف الأردني تجاه ما تشهده المنطقة من تصعيد وتوتر البوتاس العربية" تهنىء جلالة الملك وولي العهد بمناسبة عيد الفطر السعيد  اعلام إسرائيلي: شعور بأن نتنياهو يخمد الحرب، ولا ينوي الوفاء بتعهداته في "القضاء على حماس"... الطويل يتفقد أيتام مخيم البقعة ويقدم كسوة العيد ومنحة الطالب المتميز

القسم : حوارات وتحليلات
عوض الملاحمه يكتب..القصة الثانية .. عن والدي .. في تحرّي دِقَّة الكيل 
عوض الملاحمه يكتب..القصة الثانية .. عن والدي .. في تحرّي دِقَّة الكيل 
عوض الملاحمه يكتب..القصة الثانية .. عن والدي .. في تحرّي دِقَّة الكيل 
نشر بتاريخ : Thu, 12 Jan 2023 05:29:26 GMT
القصة الثانية .. عن والدي .. في تحرّي دِقَّة الكيل 

 ناطق نيوز-كتب عوض ضيف الله الملاحمه 

أيام الزمن الجميل بناسه ، ونُبل قيمهم ، ورفضهم الحرام بشكل مطلق لا مِراء فيه ، حتى شُبهة الحرام يفِرون منها بذعر ، وخوف ، ووجلٍ من رب العباد ، ومن الناس ، مع أنهم في معظمهم شجعان ، وكأن جيناتهم من أسود ضواري ، لا يهابون ، ولا يخشون أحداً . لكنهم يرقبون لومة أي لائم في قول الحق والصدق ، وإيفاء الكيل بالقسط ، ولا يِخسِرون الناس أشيائهم ، ويُسَرّون كثيراً ويفرحون فرحاً عظيماً عند الإيفاء بحقوق الغير . 

في خمسينيات القرن الماضي ، حيث كُنت طفلاً ، أنا وشقيق روحي أخي / مصلح ( أبو إيهاب ) رحمه ربي وأسكنه فسيح جنانه ، وبينما كنا نلهو خارج بيتنا الكبير في قرية / زحوم / الكرك ، مرّ من جنبنا والدي رحمة الله عليه ، ولاحظنا انه ( مِستهم ) أي يمشي على عجلٍ ، وكأن ورائه مهمة هامة لدرجة الخطورة ، التي تتطلب إستعجالاً ، فبادرناه بالسؤال انا وأخي : وين رايح يابه !؟ رد قائلاً : ودي أروح عند الصنايعيه أفصِّل نُصْمد ، تعالوا معاي . ذهبنا برفقة والدي ، وجلسنا مع الصنايعي ، ووصف له والدي بأنه يربد تفصيل نصمد لكيل الحبوب ، يكون قياسه يستوعب كمية من الحبوب عند الكيل حسب الوزن الشرعي . ودار بينهما حديث طويل عن مواصفاته مثل : ان يكون من الخشب من نوعٍ مُعين ، وان يتم تغليف قاعدته بحديد الصاج حتى لا يهتريء ، وان يضع زناراً من الصاج في الأعلى .. الخ . واتفقا على ان يتم عمله بقياسٍ أكبر من المعتاد ، فيأخذة أبي ويكيل به ، ويوزن ما إكتاله ، وبقدر الزيادة يتم القص منه — على ان يتم تأجيل تلبيسه بالصاج الى النهاية لحين التأكد على ان الوزن مطابق للوزن الشرعي . واتفقا على السعر الأساسي ، وكلفة إضافية عند كل قَصة منه . وغادرنا برفقة والدي ، ونحن نستفسر منه عن كل شيء حتى نفهم الغاية من ذلك .  فحدثنا والدي عن إيفاء الكيل والميزان ، وان التلاعب بالكيل والميزان لهما حُرمة شديدة عند رب العباد . وسألنا والدي : وأنت كيف عرفت الوزن ، قال : انه سأل شيخ الجامع العمري في الكرك ، والشيخ / حسن المحادين  عليه رحمة الله . وبعد أيام ذهبنا برفقة والدي ، ووجدناه جاهزاً ، فأخذه والدي ، وعدنا الى البيت ، فكال به والدي بمساعدة أخي الكبير / صالح ( أبو نايل ) رحمه ربي وأسكنه فسيح جنانه ، وحمل والدي القمح الذي تم كيله ، وذهبنا برفقة والدي الى دكان أحد الأقارب في القرية ، ووزنه ، ووجده يزيد عن الوزن الشرعي . وإستأثرتا انا وأخي بثمن القمح حيث ( تبغددنا ) وأشترينا أشياء كثيرة ، مثل : الراحة ، والبزر ، والفسدق ، والكعكبان .  وبنفس اليوم رافقنا والدي وذهبنا الى الصنايعي ، وتبادلا الحديث عن النسبة التي يمكن قصها من النصمد ، واعطى والدي موعداً آخر ، وعدنا بنفس الموعد ، وكال به والدي وأخي الأكبر وتم وزنه ، وتبين انه يزيد عن الوزن الشرعي . وأصبح تكرار توزين القمح من مصلحتنا أنا وأخي . وتمت العودة للصنايعي .. وهكذا تكرر ذهابنا للصنايعي ، والعودة بالنصمد ، والكيل به ، وتوزينه ، وتكرر الذهاب والاياب وكل الاجراءات الفنية المتعلقة به ، عدة مرات ، مع ان المسافة بين بيتنا والصنايعي الذي يسكن في ( عريشه ) او ( خربوش ) حوالي ( ٣ ) كم ، الى ان تم ضبط وزن الكيل حسب الشرع بالضبط . 

وبعد هذا الإنجاز الكبير بضبط وزن الكيل بالنصمد حسب الشرع بالتمام ، شاع صيت نصمد والدي ، في قرية زحوم ، وإمتدت شهرته عند بعض العائلات الكركية المحترمة في قرى : الثنية ، والغوير ، وأدر ، وبعض قرى أبناء عمومتنا الطراونة في قرى العمرية والحسينية والمزار ) ، وأطلقوا عليه إسم ( نصمد ضيف الله ) . 

لله درهم ، ما أعظم قيمهم ، وما أشد التصاقهم بالحلال ، ونفورهم من الحرام ، رغم بساطة تعليمهم ، وإنتشار الأُمية بينهم ، فبالكاد تعثر على بضعة أشخاص في القرية بأكملها يُحسنون القراءة والكتابة . وددت التعريف بهذه القصة البسيطة بساطة أهلها للعبرة ، وللمقارنة بين زمانهم وزماننا ، لا بل بيننا وبينهم . حيث يتفنن الناس في تبسيط مفاهيم الحرام ، وإيجاد مسميات بديلة تخفف من وقع الحرام على أُذن من يستهويه : فالرشوة أصبحت ثمن فنجان قهوة ، والسرقة خِفة يد ، والتلاعب بالكيل والميزان شطاره ، والفساد فهلوه وجرأة حيث يُقال انه رجُل زبّط حاله — تصوروا ان يوصف الفاسد بصفة الرجولة !؟  لك جِنان الخلد يا والدي أنت ومن شابهك وزاد عليك بإيفاء الكيل والميزان حقه ، يا جيل العظماء بقيمهم وأخلاقهم .

جميع الحقوق محفوظة لموقع ناطق نيوز 2017-2019

لا مانع من الاقتباس او النقل شريطة ذكر المصدر