الصفدي وآل الشيخ: علاقات الأردن والسعودية قوية ومواقفنا راسخة في الدفاع عن فلسطين  رئيسا بلديتي الشوبك وعين الباشا يرفضان دعوة لزيارة ايران بجهود من رئيس بلدية الشوبك وأعضاء المجلس...الاعلان عن باقة من المشاريع في لواء الشوبك الرئيس العراقي يلتقي الرئيس أحمد الصفدي في مجلس النواب...صور الميثاق الوطني  يزور عددا من مؤسسات المجتمع المحلي في محافظة البلقاء  وزير الخارجية الصفدي: حذرنا من أن نتنياهو سيحاول أن يفتعل مواجهة مع إيران ليجر ‎الولايات المتحدة والغرب إلى حرب إقليمية الميثاق الوطني يؤكد دعمه للموقف الأردني تجاه ما تشهده المنطقة من تصعيد وتوتر البوتاس العربية" تهنىء جلالة الملك وولي العهد بمناسبة عيد الفطر السعيد  اعلام إسرائيلي: شعور بأن نتنياهو يخمد الحرب، ولا ينوي الوفاء بتعهداته في "القضاء على حماس"... الطويل يتفقد أيتام مخيم البقعة ويقدم كسوة العيد ومنحة الطالب المتميز اختتام بطولة الميثاق الوطني الرمضانية  في محافظة اربد  بني حميدة : على العهد مع الوطن وجهود قائده،، ولن نقبل انحراف البوصلة عن الهدف الأساسي الأستاذ الدكتور وائل عربيات يكتب...الأمير الحسن بن طلال على إذاعة حياه " قراءة في المضامين " م. أبو هديب  : القطاع الخاص الأردني شريك استراتيجي للحكومة في مسيرة التقدم والبناء والتنمية المجتمعية  شركة مصفاة البترول الأردنية تعقد الاجتماع العادي للهيئة العامة الثامن والستين   

القسم : حوارات وتحليلات
عوض الملاحمه يكتب...العُنف الجامعي .. مَثْلَبٌ وطني 
عوض الملاحمه يكتب...العُنف الجامعي .. مَثْلَبٌ وطني 
عوض الملاحمه يكتب...العُنف الجامعي .. مَثْلَبٌ وطني 
عوض الملاحمه
نشر بتاريخ : Fri, 05 May 2023 16:07:40 GMT
العُنف الجامعي .. مَثْلَبٌ وطني 

 ناطق نيوز-كتب عوض ضيف الله الملاحمه 

الدراسة في الجامعة مرحلة تأهيلية متقدمة تقولب الشخصية ، وتتفتح بها الذهنية ، وترتقي بالقدرات العقلية ، وتنمي المواهب ،  وتصقل المهارات ، لذلك لو تم وضع معايير لإنتقاء الطالب الجامعي لفشلت نسبة ليست بسيطة  من طلبة الثانوية في الوصول للجامعات . لأن هناك عقليات مُتحجرة ، ليست مهيئة للصقل ، والقولبة ، والإكتساب . وهذه الفئة هي التي تشوّه البيئة الجامعية لانها غير قابلة للتحضر  . متمنياً على الجهات المختصة بالقبولات الجامعية في الوطن ان تُخضِع الطالب الى مقياس نفسي ، وعقلي ، وحضاري قبل دخول الجامعة ، لنرتقي بمخرجات جامعاتنا ، وليحصل الوطن على خريجين مؤهلين مهيئين للخدمة العامة وأصحاء نفسياً . 

درست في جامعة بغداد خلال الاعوام ١٩٧١ — ١٩٧٥ ، وكان الضبط داخل الحرم الجامعي شديد جداً ، لا بل كان له قدسية معينة . وهنا سوف أذكر بعض الأمثلة :- ١ ))  : كان رئيس الجمهورية آنذاك المهيب / أحمد حسن البكر ، يقوم بزيارات غير معلنة لكليات جامعة بغداد . وتجسيداً لقدسية الحرم الجامعي ، كان يأتي وبرفقته حارس واحد فقط ، ويرتدي الحارس اللباس المدني ، ويُسلِّم مسدسه الشخصي للحرس الجامعي عند البوابة الرئيسية . ويتحرك بين الطلبة بأريحية ، وكأنه واحداً منهم ، ودون ان يُعلَم عميد الكلية او غيره بذلك . لدرجة ان قصة حدثت مع زملائي من الطلبة الأردنيين الذين كانوا يدرسون في كلية الإدارة والإقتصاد ، وهم : السيد / علي سالم الطراونة ، والسيد / مازن الناصر ، والسيد / سليم الجلامدة ، والسيد / جمال الملاحمه ، والسيد/ علي المدادحة ، والسيد / محمود الملاحمه ، والسيد / غاندي الروسان .. وغيرهم . كانوا يصعدون الدرج للوصول الى قاعات المحاضرات ، وتصادف ان تمازح إثنان منهما ، و ( دفش ) أحدهما الآخر ، فالتفت ليعتذر للشخص الذي إصطدم به ، وإذا به رئيس الجمهورية المهيب / أحمد حسن البكر . فإعتذر ، وسلّم عليه ، وإبتسم رئيس الجمهورية ، وربّت على كتفه . 
٢ )) وفي كلية الآداب ، قسم اللغات ، كان أستاذي ، الأستاذ الدكتور / عبد الواحد لؤلؤة ، وزوجته أستاذتي الدكتورة / مريم ، كانا يعيشان حياة هيام ، وغرام ، وعشق متفرد ، وكان تخصصهما في الشعر الإنجليزي ، وكانا لا يمكن ان يسيران مع بعضهما إلّا وهو يُمسِك بيدها . ولأن هذا الفعل ممنوع منعاً باتاً في الحرم الجامعي . تقدّم العلّامة الدكتور / عبد الواحد لؤلؤة بمذكرة رسمية لعمادة الكلية للسماح له بأن يُمسِك بيد زوجته داخل الحرم الجامعي . وأخذ الموضوع شهوراً من البحث والجدل ، حتى وصل الى رئيس جامعة بغداد ، وبعد جُهد جهيد حصل على الموافقة والسماح له بإن يُمسِك بيد زوجته داخل الحرم الجامعي . 
٣ )) ومن الأمثلة على قُدسية الحرم الجامعي ، كان بعض الطلبة يُفطرون في شهر رمضان المبارك ، ويتناولون الطعام والشراب داخل الحرم الجامعي . وسمع محافظ بغداد السيد / خير الله طُلفاح بذلك لكنه يُمنع دخول الشرطة للحرم الجامعي ، وهو خال الشهيد  / صدام حسين . فقرر وضع بعض رجال الشرطة خارج بوابات الكليات الجامعية ، ليقبضوا على الطلبة الذين ما زالوا يأكلون او يشربون بمجرد الخروج من بوابة الحرم الجامعي ، ويتم حلاقة شعر رؤوسهم ، وتوقيفهم ، ليُفرج عنهم يوم العيد . 
٤ )) مع عدم وجود أية مشاجرات ، ولا إحتكاكات البتة بين الطلبة ، الّا ان الحرس الجامعي كانوا ينتشرون في الساحات ، بين الطلبة ، وبزي مدني . وفيما لو حدثت مُجرد مُشادّة كلامية بين طالبين ، وإرتفع صوتهما ، وقبل الإشتباك ، يتم جلب الطالبين الى عمادة شؤون الطلبة ، ويتم فصلهما فصلاً نهائياً ، حتى لو بقي على تخرجهما أياماً معدودة ، ويتم ختم ملفيهما بالشمع الأحمر ، ولا يتم إعطائهما أية وثيقة تثبت انهما درسا في جامعة بغداد ، تمكنهما من الإنتقال الى جامعة أخرى ، وتضيع عليهما ( ربما ) أربع سنوات دراسية . هذا الضبط كان موجوداً ، رغم ان  عدد طلبة جامعة بغداد آنذاك كان حوالي ( ٨٠,٠٠٠ ) طالباً وطالبه . لذلك تم فصل كل كلية بمبنى مستقل ، وتتباعد الكليات عن بعضها لعدة كيلومترات . وكان شعار الجامعة يتمثل بالآتي : (( نقولب الشخصية ، ونعطي مفاتيح العِلم )) . 

الحرم الجامعي له قدسية ، لا أرى انها موجودة ، لا بل ولا تُحترم إن وجِدت في الجامعات الأردنية . والهدف من إضفاء القدسية على الحرم الجامعي ، هي لإضفاء الإحترام للجامعة وقوانينها ، وأنظمتها ، وأساتذتها ، وللعمل على قولبة ، وصياغة شخصية الطالب ، ليتناسب أسلوبه ، وتعامله ، مع المستوى العلمي الذي يسعى للحصول عليه ، وليتخرج من الجامعة بشخصية حضارية ، مُتفتحة . 

الجامعات المحترمة ذات المستوى التصنيفي العالي  تكون اجراءاتها صارمة ، وحاسمة ، وحازمة ، وقراراتها شديدة ، وسديدة لتحقيق الإنضباط التام بين الطلبة . حتى تطرح الغث خارج الحرم الجامعي لانه ليس بمستوى دخوله ، وتُبقي السمين لتنميه لِيُزهر خيراً للوطن . 

مع الأسف ان سُمعة الجامعات الأردنية تردت بشكل كبير داخل الوطن وخارجه ، حيث ان نسبة لا بأس بها من الأردنيين يفضلون  إرسال أبنائهم للدراسة خارج الأردن ليتفادوا البيئة الجامعية الرديئة . هذا علاوة على إنخفاض مستوى التحصيل العلمي . كما ان الجامعات الأردنية فقدت ألوف الطلبة من الدول الخليجية تحديداً ، وأنا أعرف ان الكثير من الخليجيين يرسلون أبنائهم وبناتهم ( تحديداً ) للدراسة في الأردن لأسباب إيجابية كثيرة لا مجال لذكرها في مقال . 

أحد الأسباب الرئيسية للعنف الجامعي ، هو النهج الذي إتبعته الدولة الأردنية منذ عقود لتسطيح فكر الشباب ، لإبعادهم عن الإنضمام للأحزاب العقائدية التي كانت سائدة مثل : الأحزاب الإسلامية ، والقومية ،  والإشتراكية . متجاهلةً ان تلك الأحزاب كانت تُركِّز على صقل شخصيات منتسبيها ، وقولبتهم ، وتوجيههم للجدية ، والمثالية ، والإنضباطية في السلوك  والإلتزام بالقيم النبيلة . تصوروا معي ان تحدث مشاجرات عنيفة جداً في عدد من الجامعات سببها : أن فُلان ( جَحّْ ) فلان !؟ او ان فلان حاول يتكلم من إبنة عمي !؟ .. الخ من هذا السُخف ، والسطحية في مستوى التفكير . بالمقابل وللمقارنة تصوروا انني كنت وما زلت وسأبقى قومي التفكير والنهج . ومع ذلك كان واحداً من أقرب أصدقائي بين زملائي ينتمي للحزب الشيوعي ، بالإضافة الى زميلي الذي أقدر وأحترم وما زلت أتشرف بالتواصل معه البروفيسور / حمدي حميد الدوري ، أستاذ الأدب الإنجليزي الأشهر في العراق حالياً . 

العنف الجامعي عكس سمعة سيئة عن الجامعات الأردنية خاصة ، وعن الوطن عامة . وإحترام قدسية الحرم الجامعي يرتقي بمستوى سمعة الوطن بما فيها الجامعات . لذلك لابد من قرارات صارمة ، وصادمة — حتى للمجتمع — حتى يشعر كبار المسؤولين ، والنواب ، والشيوخ ، والوجهاء ، بأن تدخلهم للتوسط في العنف الجامعي مُعيباً ، ومُسيئاً للوطن قبل الجامعات . آااااه يا أردن ، الإنحدار طال كل جنباتك ، مع كل الأسف والحُزن .

جميع الحقوق محفوظة لموقع ناطق نيوز 2017-2019

لا مانع من الاقتباس او النقل شريطة ذكر المصدر